بسام عبد الرزاق
تصوير: محمود رؤوف
بارتفاع 10 أمتار وطول 160 مترا تطل مقاهي ومكتبات بغداد التراثية العريقة، في واجهة القاعة الكبرى، التي تحتضن فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب بأيام “الاسود والابيض”، ويراها زوار المعرض من المثقفين انها مبادرة مهمة للتذكير بتراث مدينة بغداد والعمل على اعادة احياء هذه المقاهي والمكتبات لما تمثله من حضور في الذائقة فضلا عن كونها واجهة حضارية وسياحية مهمة للبلد.
التصميم المذهل والعملاق جمع 10 مكتبات و9 مقاهي كانت تمثل في ايام مضت روح بغداد ودفئها وجمالها.
الناقد السينمائي علي حمود الحسن قال لـ(المدى) ان “هذه الفكرة اعطتني دفقا خاصا جدا، فجيلنا الذي عاصر وارتاد هذه الاماكن يعيش احساسا غريبا جدا ويصبح لديه فصل في الزمن ويعود بالذاكرة الى هذه العوالم، مقهى البرازيلية والمكانة الارستقراطية التي كانت عليها ومقهى الزهاوي وتفاصيلها الكثيرة ومقهى البرلمان ونقاشاته التي لا تنتهي وفجأة مع كل تداعيات الذكريات تدخل مرة اخرى الى عالم الحداثة”.
واضاف الحسن ان “هذا الامر التفاتة تحسب للمدى ولمنظمي المعرض لعدة اسباب ومنها انه لا يمكن ان تقوم لنا قائمة إلا اذا ما استوعبنا تراثنا بالمعنى الحقيقي والمحلي وليس الاستشراقي، بمعنى ان يكون جزءا من بنية وكينونة وهوية بلدنا الذي تتناهب هويته الضباع مع الاسف وبالكاد نستطيع ان نوثق ما يمكن توثيقه”.
الناقد احمد حسن الظفيري يرى ان “عملية اعادة احياء بعض الامكنة والمشاهد التراثية حالة ضرورية لانها تعيد للمواطن الثقة والاستقرار في المكان، لكون الانسان دائما ما يشعر بالحنين للاماكن التي كان يعيش فيها منذ الطفولة، وان هذا الاستقرار يجعله يشعر بالامان بصورة اكبر، الامر الذي يمكنه من الابداع حتى في عمله”.
واضاف الظفيري ان “اعادة الاماكن التراثية والاهتمام بها هو نوع من الحنين للماضي الذي يحيي فينا روح الطفولة والحنين للاماكن التي كنا نعيش فيها، وان من واجب الدولة الحفاظ على هذه الاماكن وابرازها وتحويلها الى اماكن جذب سياحي كما هو الحال في الكثير من الدول والتي قد لا تضاهي العراق بتراثه الكبير الذي يمتد لآلاف السنين”.
وتابع ان “وجود مقهى اثري باسم البرلمان يدلل على ان العراق دولة برلمانية قديمة وهذه اللفظة كانت ترتبط بالمفكرين والادباء الذين مثلو صورة العراق عربيا وعالميا وعلى البرلمان الحالي التفكير باحياء المقاهي التراثية كونها تدل على واجهة الحضارة العراقية”.
الكاتب عبد الامير المجر قال لـ(المدى) انه “حين رأيت المكان اندهشت وشعرت بسعادة للجمالية التي عليها المكان، كون بغداد فقدت الكثير من معالمها القديمة وعدم اهتمام المؤسسات المعنية بالتراث”، لافتا الى ان “معرض العراق الدولي للكتاب اعاد لنا جزءا من انفاس هذا الزمن الجميل الذي يتمثل بمقاهي وشناشيل ومحلات بغداد، لذلك اشعر بسعادة كبيرة”.
وذكر المجر انه “كتبت اكثر من مرة حول فقدان المعالم التراثية في بغداد ومنها المصور الاهلي دعيت لاعادة احيائه واماكن تراثية اخرى التي تعتبر هوية بغداد، وعلى المؤسسات المعنية ان تعيد النظر بنشاطها وان تهتم بالاماكن التراثية لانها تمثل روح بغداد وواجهتها السياحية”.