0%

إصدارات فلسفية مميزة في المعرض تعيد طرح أسئلة الإنسان الكبرى

عبود فؤاد
عدسة: محمود رؤوف
شهد معرض العراق الدولي للكتاب حضوراً لافتاً لكتب الفلسفة هذا العام، حيث ازدحمت الأجنحة بعناوين تُعيد القارئ إلى أسئلة الوجود والاختلاف والمعنى، وتستعيد إرث الفلاسفة الذين شكّلوا مسارات التفكير الحديث. وفي جولة بين أهم دور النشر المشاركة، برزت مجموعة من الإصدارات الجديدة التي جذبت القرّاء والباحثين وطلبة الجامعات، مؤكدة أن الخطاب الفلسفي لا يزال محافظاً على مكانته بين جمهور المعرض.
في جناح دار الكتاب الجديد استحوذ كتاب «التلمذة الفلسفية» لهانز جورج غادامير على اهتمام القرّاء، بوصفه سيرة فكرية نادرة لفيلسوف تخطّى المئة عام وشهد تحولات تاريخية كبرى من الحربين العالميتين إلى سقوط جدار برلين. يعرض غادامير في هذا الكتاب رحلته بين جامعات العالم ولقاءاته مع أبرز فلاسفة القرن العشرين، ويقدّم شهادة حية على قرن كامل من التحولات الوجودية والمعرفية، حتى وصفه جاك دريدا بـ»الشاهد المطلق”.
وعن الدار نفسها قدّم كتاب «الحب والحداثة» لبول ريكور نقاشاً معمّقاً حول العلاقة الجدلية بين الحب والعدالة، وكيف يتجاوران في التجربة الإنسانية رغم ما يبدو بينهما من تنافر. الكتاب يشتغل على ما يسميه ريكور «منطق الوفرة الفائضة» الذي يفتح الباب أمام رؤية أخلاقية جديدة تتجاوز الثنائية التقليدية بين العاطفة والإنصاف.
أما منشورات المتوسط فحضرت هذا العام بإصدارات فلسفية بارزة، على رأسها كتاب «الوجود والاختلاف – مدخل إلى فلسفة جيل دولوز» للباحث عادل حدجامي، الذي اعتبره القرّاء من أهم المفاتيح العربية لفهم نصوص دولوز المعقدة.
وإلى جانب هذا العمل، عرضت المتوسط كتاب «الفلسفة المتعالية» لفريدريش شليغل، وهو نص تأسيسي لمرحلة ما بعد كانط، تضمن الدروس التي ألقاها شليغل في جامعة فيينا مطلع القرن التاسع عشر، وفيها تتبلور رؤيته لبناء نسق فلسفي يناقش الحرية والعقل والخيال. وقد وجد هذا الكتاب صدى واسعاً لدى جمهور الأكاديميين والباحثين في تاريخ الفكر الأوروبي.
وفي جناح المكتبة الشرقية برز إصداران أثارا اهتماماً واضحاً لدى الباحثين. الأول كتاب «رينيه ديكارت» لفريدريك ليلونغ الذي يعيد قراءة الإرث الديكارتي ويكشف عن التعقيد العميق لفلسفة ديكارت، بعيداً عن الاختزالات التي لحقت بها عبر القرون.
أما الكتاب الثاني فهو «بؤس الفلسفة» لكارل ماركس، المترجم في طبعة علمية جديدة، والذي يمثّل لحظة القطيعة الفكرية بين ماركس وبرودون. يكشف هذا العمل المرحلة التي تبلورت فيها مبادئ النظرية التاريخية والاقتصادية لدى ماركس.
وعلى خطٍ موازٍ، قدّمت دار الفارابي كتاب «فكرة الله – الحقيقة والمعنى» للدكتور وجيه قانصو، الذي لم ينشغل بطرح سؤال وجود الله بل بتحولات مفهومه عبر التاريخ، من التجارب الروحية الأولى إلى الفلسفات الحديثة. يذهب الكتاب إلى أن مفهوم الإله لم يعرف معنى ثابتاً، بل ظلّ يتطور بتطور أسئلة الإنسان الوجودية.
ومع تنوّع العناوين واتساع الاهتمام، بدا واضحاً أن الفلسفة هذا العام كانت ضيفاً مميزاً في المعرض، حاضرة في سِيَر الفلاسفة، وفي قضايا الأخلاق والسياسة، وفي مباحث الوجود واللغة والمعنى .

Scroll to Top