تبارك عبد المجيد
تُعد كتب السيرة الذاتية واحدة من أهم الأنواع الأدبية التي تجذب القراء حول العالم. فهي تقدم رؤية عميقة وشخصية لحياة الأفراد، وتكشف عن تجاربهم، وأفكارهم، وإنجازاتهم، بالإضافة إلى الصعوبات التي واجهوها وكيف تغلبوا عليها. تعتبر هذه الكتب مصدر إلهام وتعليم، حيث تسلط الضوء على الجانب الإنساني للشخصيات المؤثرة.
تعريفها
كتب السيرة الذاتية هي نوع من الأدب يعرض فيه الكاتب أحداثًا وتفاصيل عن حياته الخاصة. يقوم المؤلف عادةً بسرد تجربته بأسلوب مباشر وشخصي، يهدف إلى إيصال رسائل معينة للجمهور، سواء كانت رسائل ملهمة، تعليمية، أو تحفيزية. ومن أشهر كتب السيرة الذاتية الشهيرة: “أنا، مالالا” لـ مالالا يوسفزاي: يتحدث عن رحلة فتاة باكستانية في الدفاع عن حق الفتيات في التعليم. “طريقي” لـ محمد صلاح: يلقي الضوء على مسيرته المهنية في عالم كرة القدم.
“الأيام” لـ طه حسين: يعرض مذكرات الأديب الكبير ومعاناته مع فقدان البصر.
يعبّر الكاتب والصحفي خالد الدربندي عن رؤية نقدية تجاه كتب السيرة الذاتية، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الأدب غالبًا ما يتسم بعدم الموضوعية والانحياز لصالح الكاتب. يرى الدربندي أن هذه الكتب، سواء كتبها الشخص بنفسه أو بمساعدة كاتب مقرب أو حتى خصم، تميل إلى التركيز على المديح والثناء على الذات، مع تجاهل الأخطاء أو التصرفات السلبية التي قد تشوه صورة الكاتب أمام القارئ.
يوضح الدربندي أن العديد من الشخصيات العامة، مثل السياسيين أو العلماء أو الأكاديميين المعروفين، غالبًا ما يبالغون في تصوير أنفسهم كأبطال لا يشوبهم الخطأ، مما يجعل هذه السير الذاتية مصدرًا غير موثوق لتقييمهم بشكل حقيقي. كمثال على ذلك، يشير إلى كتاب بول بريمر عن تجربته في العراق، حيث لم يتطرق الكاتب إلى الأخطاء أو سوء التصرفات التي ارتكبها أثناء فترة حكمه في العراق.
ويمضي الدربندي في ملاحظته إلى أن الأمر لا يقتصر على السياسيين فقط، بل يمتد أيضًا إلى العلماء والشخصيات العامة الذين يركزون في مذكراتهم على تمجيد إنجازاتهم وإبراز نجاحاتهم، مع استبعاد أي تفاصيل قد تسلط الضوء على إخفاقاتهم أو تحدياتهم الإنسانية.
ترى نورهان كاظم من دار الخان للنشر والتوزيع، أن كتب السيرة الذاتية تمثل كنزًا أدبيًا ومعرفيًا يمكن للقراء الاستفادة منه لفهم تجارب شخصيات بارزة كان لها أثر كبير في مجالات مختلفة من الحياة. وتشير إلى أن هذا النوع من الكتب لا يعرض فقط الإنجازات والإسهامات، بل يسرد أيضًا الصعوبات التي واجهت تلك الشخصيات والطريقة التي تغلبوا بها على تلك التحديات، مما يجعلها مصدر إلهام وتحفيز للقراء.
تُبرز نور هان أن السيرة الذاتية تحمل “مصداقية مفترضة”، حيث يُتوقع أن تقدم وقائع حقيقية عن حياة الكاتب، مما يعزز اهتمام الجمهور بها. وتضيف أن القراء يقبلون على هذا النوع من الكتب لاستكشاف تجارب واقعية وأحداث عاشها آخرون، خصوصًا الشخصيات المعروفة التي لطالما كانت محط الأنظار.
يرى محمد زين العابدين من دار العصر أن السيرة الذاتية تُعد أداة معرفية وتاريخية بالغة الأهمية، فهي تسلط الضوء على حياة الشخصيات المؤثرة وإنجازاتهم في مختلف المجالات، سواء كانت دينية، سياسية، علمية، أو غيرها. ويؤكد أن السيرة الذاتية لا تقتصر على توثيق الأحداث، بل تسهم في تخليد ذكرى تلك الشخصيات، مما يجعلها مرجعًا للأجيال القادمة لفهم تأثيرهم وتقييم نجاحاتهم أو إخفاقاتهم. كما يراها وسيلة للاحتفاء بالشخصيات البارزة وإبراز دورها في تشكيل المجتمع، فضلًا عن كونها مصدرًا للتعلم والتقييم الذاتي.