تبارك عبد المجيد
شهد معرض العراق الدولي للكتاب يومًا نابضًا بالحياة والروح الفنية، حيث اجتمعت ألوان الإبداع لتروي قصص الوطن والإنسانية. كان صوت الغناء ينساب في الأرجاء منذ ساعات الصباح الأولى، عابرًا بين أروقة المعرض، كأنما يعزف على أوتار الحاضرين ويلفت انتباههم من كل حدب وصوب. ومع توافد الجمهور حول العروض، كان الحشد يتزايد لحظة بلحظة، متفاعلًا مع الأداء ومقدرًا الجهد الذي انعكس في كل نغمة وحركة.
افتتح طلاب وطالبات معهد الفنون الجميلة مسرح الندوات بعروض غنائية ألهبت مشاعر الحاضرين. غنّى الفريق أغنيات وطنية مثل “موطني”، واغاني أخرى بغدادية منها “دادة حسن” وأبدعوا في أداء مقطوعات موسيقية منها “زنجيل حجاز” و”زنجيل نهاوند”.
بين العازفين برزت ياسمين محمد، طالبة في المرحلة الرابعة من قسم الفنون الجميلة، حيث أبهرت الجمهور بأدائها المميز على الكمان، مما أضاف بعدًا ساحرًا للموسيقى. التحضير لهذا العرض استمر أكثر من شهر، وظهر الجهد جليًا في التناغم والإبداع الذي قدمه الفريق، ما جعل العرض لحظة لا تُنسى، وفقا لما قالته ياسمين لـ(ملحق المدى)”.
وذكرت أن الفرقة تتكون من ٦٥ شخصا، فيما عبرت عن حبها لتفاعل جمهور المعرض مع الأغاني التي قدموها.
“وطالت المسرحية“
بعد ختام العروض الموسيقية، انتقل الجمهور إلى العرض المسرحي الذي قدمته مجموعة من 16 شابًا وشابة وهي فعالية تابعة لوزارة التربية، تقول غنه عبد الحميد اثناء تحهيزها للصعود الى مسرح المعرض، ان أعمارهم تتراوح بين 16 و25 عامًا. وذكرت ان المسرحية تحمل عنوان “وطالت المسرحية”، وهي جسدت معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي، مع التركيز على القهر المستمر الناتج عن الفساد، الفقر، والألم المتفاقم مع استمرار العدو الإسرائيلي في عدوانه.
وقبل العرض، كانت غرفة التبديل مسرحًا صغيرًا بحد ذاته، حيث انشغلت الفتيات بتحضير أنفسهن. ارتدين الأزياء الفلسطينية التقليدية بعناية فائقة، أثواب مطرزة و”كوفية” ترمز للمقاومة والصمود. كانت الأجواء مفعمة بالحماسة الممزوجة بالترقب، حيث ساعدت الفتيات بعضهن في ترتيب الملابس وتثبيت الكوفيات، وتبادلوا كلمات التشجيع لتعزيز الثقة قبل الوقوف على خشبة المسرح.
تميز العرض بتشابك مؤثر بين الحوار والأداء الجسدي، مما أظهر عمق الألم الفلسطيني وسعيه المستمر للصمود. قدم المشاركون أداءً دراميًا صادقًا، نقلوا فيه صورة حية لمعاناة شعب بأكمله. كانت الأزياء والإضاءة والموسيقى الخلفية تنقل الحاضرين إلى قلب الحدث، مما جعل المسرحية لحظة فارقة في فعاليات المعرض. جاءت الفعاليتان لتجسد الإبداع العراقي وروح الشباب في التعبير عن القضايا الوطنية والإنسانية. من الموسيقى التي عكست حب الوطن، إلى المسرحية التي سلطت الضوء على قضية فلسطين، كانت هذه العروض بمثابة رسالة فنية مؤثرة، أبهرت الجمهور وتركت في نفوسهم أثرًا لا يُنسى.