العراقيات حاضرات بقوة في معرض الكتاب الدولي الخامس
مشاركة لافتة ومتزايدة للنساء ما يبرز دورهن المحوري في الحراك الثقافي
متابعة
انطلقت فعاليات معرض الكتاب الدولي في بغداد بدورته الخامسة، وسط أجواء ثقافية نابضة بالحياة وحضور جماهيري واسع يعكس شغف العراقيين بالكتب والمعرفة.
واستقطب المعرض الذي أصبح تقليدا سنويا يحتفي بالثقافة والأدب، هذا العام دور نشر ومؤلفين من مختلف أنحاء العالم العربي، مقدّما مزيجا غنيا من العناوين والفعاليات التي تلبي أذواق الجميع، كما أنه يعد بالمزيد من الفعاليات، والندوات والقراءات خلال الأيام المقبلة.
وبين رفوف الكتب وزوايا الفعاليات المتنوعة، كانت النساء العراقيات حاضرات بقوة هذا العام، بمشاركة لافتة ومتزايدة تُبرز دورهن المحوري في الحراك الثقافي، سواء كمنظّمات أو متطوعات أو عاملات في دور النشر أو حتى كقارئات شغوفات، أضفن بلمساتهن بعدا جديدا للمعرض كبيئة آمنة وشاملة تعكس تطور دور المرأة في العراق.
وبين أروقة معرض الكتاب الدولي، وبينما تزدحم القاعات بالزوار من مختلف الأعمار والخلفيات، تجد إيمان أحمد، طالبة جامعية تبلغ من العمر 21 عاما، فرصة لا تعوض للتجول بين رفوف الكتب التي تعج بالعناوين المتنوعة.
وتعتبر أحمد التي تدرس الأدب الإنكليزي، أن المعرض أكثر من مجرد حدث سنوي، بل نافذة تلبي شغفها بالمعرفة وتفتح لها آفاقًا جديدة، قائلة “المعرض بالنسبة إلي مكان أجد فيه كل ما أحتاجه من الكتب، سواء كانت أكاديمية أو ثقافية عامة، الجامعات توفر الكتب الأساسية، لكن هنا أجد الكتب التي تثري معلوماتي وتساعدني في أبحاثي”.
وترى أنه بالإضافة إلى الكتب “المعرض فرصة للتواصل مع الكتّاب والمثقفين”، مبينة “حضرت عدة فعاليات في المعرض هذا العام، وكان من المذهل أن أستمع إلى تجارب مؤلفين من مختلف الدول، وهذا النوع من التفاعل يلهمني ويدفعني للتفكير بشكل أعمق حول دراستي ومستقبلي”، متابعة أن “معرض الكتاب يمثل تجربة استثنائية توازن بين التعليم، الثقافة، والمتعة، مما يجعله حدثا تنتظره كل عام بشغف”.
وكانت سحر علي أم لثلاثة أطفال تعيش مع الأولاد رحلة ثقافية ممتعة وتتجول بسعادة بين رفوف الكتب، فيما ينشغل أبناؤها باختيار عناوينهم المفضلة من قسم كتب الأطفال.
بالنسبة إلى سحر، فإن المعرض ليس مجرد مكان لشراء الكتب، بل مساحة تجمع فيها بين اهتماماتها الشخصية واحتياجات أطفالها التعليمية والثقافية.
وفي تصريح مماثل، قالت سحر “هذا المعرض هو فرصتي السنوية لأقتني كتبًا لي ولأطفالي، وأنا أبحث عن كتب الفلسفة والروايات، بينما أحرص على أن يختار أطفالي كتبًا تعزز حبهم للقراءة”، مضيفة أن “وجودها مع أولادها في المعرض يجعلها تشعر بالراحة والأمان، والأجواء هنا مريحة ومنظمة بشكل رائع، مما يسمح لي بالتسوق بهدوء وأنا مطمئنة على أطفالي وهم يستكشفون الكتب”.
وأكدت أن “الفعاليات المخصصة للأطفال كانت إضافة مميزة في هذه الدورة، وهنالك ورش وأماكن ودور مخصصة للأطفال، إنها تجربة ممتعة وتعليمية. أشعر أن هذا المعرض يزرع حب الثقافة في قلوبهم بطريقة ضرورية”.
تقف رغد فاضل، شابة في العشرين من عمرها، تتأمل الكتب المعروضة بعينين تلمعان بالحماسة، خريجة الهندسة التي تحمل شغفا بالكتابة، ترى في المعرض أكثر من مجرد مكان لاقتناء الكتب، فهو فضاء يلهمها ويجعل حلمها بأن تصبح كاتبة أقرب إلى الواقع.
وقالت رغد “الكتابة بالنسبة إلي هي طريقة للتعبير عما يدور في داخلي، لكنني أحتاج دائمًا إلى مصدر إلهام، هنا في معرض الكتاب الدولي أشعر أنني أقف في قلب هذا الإلهام، ورؤية هذا الكم من الكتب والمؤلفين تشعرني أن حلمي قابل للتحقيق”.
وأشارت إلى أن “أكثر ما جذبها وجعلها أكثر حماسة هذا العام هو حضور بعض كتابها المفضلين”، لافتة إلى أنها “سوف تحضر جميع الجلسات النقاشية للكتّاب الذين ألهموها من خلال أعمالهم، وستكون فرصة رائعة للتعرف على رحلتهم في الكتابة وكيفية بناء شخصياتهم الأدبية، لأن هذا سيحفزها لأن تبدأ بمشروع كتابها الخاص”.
وبالنسبة لرغد، فإن “المعرض ليس فقط مكانا للاطلاع على الكتب الجديدة، بل منصة تربطها بالمجتمع الثقافي الذي تطمح للانضمام إليه يوما ما ككاتبة، قائلة “أحلم بأن أرى كتبي هنا يومًا ما، وأعتقد أن هذا المعرض هو خطوة أولى نحو تحقيق هذا الحلم”.
وقالت الباحثة في الأدب العربي ليلى حميد إنها “تبحث عن مراجع تدعم أبحاثها، وتفتح لها آفاقًا معرفية جديدة. وبالطبع، فإن المعرض هو كنز معرفي لا يُقدر بثمن وفرصة سنوية لا يمكن تفويتها”، موضحة “كباحثة أكاديمية، أعتمد بشكل كبير على المعارض الثقافية للحصول على مصادر جديدة وغير متوفرة في المكتبات المحلية، وهنا أجد عناوين نادرة ومراجع تساعدني على تطوير دراساتي الأكاديمية”.
ولفتت إلى أن “وجود دور نشر محلية وعربية ودولية يجعل التنوع في الخيارات واسعا، وهذا العام وجدت مجموعة من الكتب التي تدعم بحثي الحالي حول تأثير الأدب على القضايا الاجتماعية، شعرت بأنني أحرزت تقدما كبيرا في عملي بمجرد حضوري هنا”، مضيفة أن “المعرض فرصة كبيرة بالنسبة إليها من أجل تعزيز الأبحاث في العراق وجعلها متاحة أكثر من خلال وجود مصادر متنوعة في المعرض”.
وتابعت أنه “من الجيد أن حتى الكتب التي ما زلت أبحث عنها كل أسبوع في بغداد، أستطيع أن أجدها بسهولة من مصدرها الرئيسي في معرض الكتاب الدولي، وأتمنى أن يستمر في النمو ليكون منصة أكبر لدعم الباحثين في العراق”.
ويمتد معرض العراق الدولي للكتاب حتى الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري على أرض معرض بغداد الدولي في منطقة المنصور، بمشاركة واسعة لدور النشر بأكثر من 350 دار نشر من نحو 17 دولة عربية وأجنبية.
المصدر: وكالة الأنباء العراقية (واع)