تبارك عبد المجيد
في زحمة الكلمات والأشعار التي تملأ فضاء معرض العراق الدولي، حيث الأضواء الساطعة وأصداء الحناجر تتردد بين أركانه، وقفت جماهير متعطشة للكلمات تتأمل في شاعرهم المميز، شوقي بزيع. الشاعر اللبناني الذي جاء ليلتقي بجمهور عراقي متشوق ليسمعه ويتفاعل مع أشعاره، كان بزيع ضيفاً في لقاء مفتوح، حاوره خلاله الشاعر العراقي المبدع، عمر السراي. وفي تلك الأمسية الأدبية المميزة، ألقى بزيع قصائد تتغنى بوطنه لبنان وبالحب الذي ينسج خيوط الفرح والتأمل في العالم، متناولاً في كل بيت شعري قصة حب وعذابات وطن، ليترك الحاضرين في المعرض في حالة من التأمل والصدمة، وكأنهم يعيشون تفاصيل القصائد التي تفيض بالحياة.
ذكر شوقي بزيع في مستهل حديثه، أن “يوم انعقاد الندوة يأتي في نفس اليوم الذي شهد سكوت أحد طغيان الدكتاتورية في سوريا”، معبراً عن امنياته بأن يكون البديل ديمقراطياً وحراً”، وأضاف: “أنا اليوم مغرم بفرحة استثنائية، لو كنت لبنانياً لعرفت فرحتي الممزوجة بالغصة”.
تابع الحديث: كنت قد اعددت قصائدا لهذا اليوم؟ لكني أعدت أو ارتجلت على عجل، لأني لم أكن مبرمجاً في هذا اليوم للحضور فيالمعرض. كما كنت ضيفاً على تلفزيون عراقي”، وأثنى بزيع باستقبال الأستاذ فخرس كريم رئيس مؤسسة المدى وبحضور مدير عام مؤسسة المدى د. غادة العاملي امامي في الجلسة”.
ثم أضاف: “إذا سأختار مقطعاً من قصيدة ‘ليلة ديك الجن الأخيرة’، وهو تلك الجنة الحمصي الذي قتل حبيبته ورد لشدة جمالها، ولم يجد ما يفعله بها، حباً بها وغيرة عليها، سوى أن يقتلها ويذبحها ويضع رمادها في كأس أو يصنع من رمادها كأسا، ويشرب به الخمر عن روحها، طبعا حتى الثمالة. … مدامعي تبكي على خدي وملامعي تجري على خد”.
وقرأ الشاعر بزيع قصيدة أخرى “حمص أحببت ان تغفو تحت جفن العين كالدمعة، ثدياها العميقان. ينامان على مهل كطفلين يتيمين، وخداها مضاءان دماء النهر، فيما بدرها الحامض مكسور إلى نصفين. حمص النجمة الخضراء في مخدعها، أرملة العاصي وفأس المطر الصلب. النواقص وأوجاع الأغاني، كل ما ضاع من العمر بحيرات النحيب المستمر”.
ذهب الحديث بعدها إلى الأنواع الشعرية وقتا “أعتقد أن الأشكال الشعرية ليست خلافاً للآيات القرآنية، لا تُنسخ بعضها ببعض، لكنها تتناقل وتتعايش. الأزمنة تتقدم إلى الأمام، مثلا الشاعر قيس كان أكثر حداثة في زمانه”.
وبيّن “في السبعينيات، وفي وهج اليسار الجديد، كان هناك عيب أن يكتب أحد قصيدة نقد وأنا كنت منهم، اليوم وتحت تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، نجد هناك إعادة لقصيدة العمود إلى الواجهة، في ظل غياب النقد وانهيار الصحافة”.
وعن سؤاله “لماذا ابتسامة للموناليزا وفراشات لبوذا؟ وهنا يقصد بالسؤال عن عنوان قصيدته الشعرية، يبين انها “مستوحاة من هذه المصالحة مع العالم التي أقامها بوذا، وامتنع عن الملذات، وبعدها شعر أن هذه الملذات تطارده دائماً”.
في الختام، أشاد باختيار إدارة معرض العراق الدولي للكتاب للشخصيات اللبنانية الوطنية الحقيقية، فيما امتنعوا عن استدعاء أسرى المصارف من بين اللبنانيين. ألقى بعدها قصيدة يتغزل بها بصوت فيروز، الصوت الذي غنى للبنان بأحزانها وأفراحها، حيث يرى فيها لبنان الحقيقية.