نبأ مشرق
شهد معرض العراق الدولي للكتاب، في نسخته الخامسة بعنوان “من قلبي حروف لبيروت”، ندوة حوارية بعنوان “إسرائيل وغزة بين الإبادة والمقاومة”، التي ناقشت واحدة من أبرز القضايا السياسية والإنسانية في المنطقة، وهي محاكمة الكيان الصهيوني على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل العدوان الأخير على غزة ولبنان.
أدار الحوار الدكتور إياد العنبر، الذي أعرب عن فخره باستضافة شخصيات بارزة ومؤثرة في مجالات القانون والفكر والسياسة.
استهل إياد العنبر النقاش بالتأكيد على أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يشكل جوهر حركة التحرر الوطني في المنطقة، متطرقًا إلى مفهوم المقاومة الفلسطينية وصمودها أمام محاولات الإبادة والتهجير التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي.
أحمد الديين ركّز في حديثه على السياق التاريخي للكيان الصهيوني، مؤكدًا أن “وجوده مرتبط بمصالح إمبريالية تستهدف تفتيت المنطقة”.
واضاف ان “الكيان الإسرائيلي وُجد كأداة وظيفية لخدمة الإمبريالية، ولكنه اليوم يمر بأزمة وجودية بسبب تصاعد المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب في غزة، مما رفع تكلفة حمايته أمام القوى الغربية”.
من جهته، تناول نبيل عبد الفتاح دور التحولات التقنية والرقمية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن المقاومة الفلسطينية استخدمت الوسائل الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية لتخطيط وتنفيذ عملياتها، مؤكدًا أن “الثورة الرقمية لم تغيّر فقط أساليب المقاومة، بل أسقطت أسطورة التفوق الإسرائيلي وفتحت المجال أمام انتفاضات رقمية عالمية تدين الاحتلال وتكشف جرائمه”.
القضية الفلسطينية: تحرر وطني أم أزمة سياسية؟
أكد المشاركون على مركزية القضية الفلسطينية في حركة التحرر العربي، حيث وصفها أحمد الديين بأنها قضية جامعة تتجاوز الأيديولوجيات:
“المقاومة حق مشروع قانونيًا ودوليًا، وهي ليست محل جدل. أي شعب تحت الاحتلال يملك الحق في مقاومة مغتصب أراضيه، سواء بالسلاح أو عبر الوسائل الشعبية والسياسية”.
أما نبيل عبد الفتاح، فقد شدد على أهمية فهم الكيان الصهيوني كحركة استعمارية استيطانية، لافتًا إلى أن محاولات تقويض المقاومة الفلسطينية ليست سوى امتداد لمخططات الهيمنة الغربية. وأضاف:
“حتى لو تفككت حركات المقاومة، فإن نزعة التحرر ستظل حاضرة، وقد تتحول إلى أشكال جديدة مثل ‘الذئاب المنفردة’ أو تحركات فردية تسعى لتحقيق الحرية”.
المقاومة الرقمية: تحول ستراتيجي
أحد المحاور البارزة في الندوة كان التركيز على تأثير الثورة الرقمية على الصراع، حيث أوضح عبد الفتاح أن:
“المقاومة في غزة تمكنت من توظيف الأدوات الرقمية لتوثيق جرائم الاحتلال ونشرها عالميًا، مما أثار موجة من الغضب والاحتجاجات في الجامعات والمؤسسات الغربية. هذه الأدوات كسرت الحصار الإعلامي وأكدت أن العدالة للشعب الفلسطيني ليست خيارًا، بل ضرورة إنسانية.”
آفاق المستقبل وتحديات المرحلة
في ختام الندوة، ناقش الحضور السيناريوهات المحتملة للصراع في ظل التغيرات الإقليمية والدولية. أشار أحمد الديين إلى أن:
“الصراع في المنطقة سيبقى مستمرًا بين قوى التحرر العربي والاحتلال الإسرائيلي، مدفوعًا بأزمات داخلية يعيشها الكيان الصهيوني وأزمات أوسع في النظام العالمي”.
بينما أكد عبد الفتاح على أهمية توحيد الجهود الفكرية والسياسية لتعزيز الدعم للمقاومة، مشيرًا إلى أن النخب المثقفة مطالبة بالوقوف ضد كل أشكال التطبيع والتخاذل.
سلطت الندوة الضوء على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من جوانب متعددة، مؤكدة أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي فعل تحرري مشروع. كما أوضحت أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه التحولات الرقمية في نقل القضية الفلسطينية إلى العالم، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
هذا النقاش ضمن فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب يعكس التزام المثقفين العرب بتسليط الضوء على القضية الفلسطينية كقضية إنسانية وسياسية تتطلب التضامن والوعي في مواجهة مشاريع الاحتلال والإبادة.