0%

الأدب الفكاهي: وسيلة مقاومة تجد طريقها في التطور التكنلوجي

تبارك عبد المجيد

يعكس الأدب الفكاهي قدرة الشعوب على التعايش مع تحديات الحياة وتحويل المعاناة إلى مادة للاستهزاء والضحك، وهو ما يجعل لهذا النوع مكانًا خاصًا في الثقافات المختلفة، وفقا لبعض الادباء بينما يرى البعض الاخر أن الأدب الفكاهي قد يظل مهمشًا في الساحة الأدبية التقليدية، إلا أن هناك دائمًا مجالًا لاستعادته، سواء عبر وسائل الإعلام الحديثة أو من خلال محاولات جديدة لإعادة إحيائه.

إياد حسن، مدير منشورات نصوص، تحدث عن تاريخ الأدب الفكاهي في العراق، مؤكدًا أنه كان جزءًا من الثقافة الشعبية العراقية. وأشار إلى أمثلة من هذا النوع الأدبي مثل “حبز بوز” و”عزيز عزوز”، حيث كانت الفكاهة تُستخدم كوسيلة للتسلية والانتقاد.

وأوضح حسن أنه رغم أن العراقيين لا يزالون يمارسون الفكاهة في حياتهم اليومية، إلا أن الأدب الفكاهي غاب عن الساحة الأدبية العراقية في الوقت الحالي.

وأشار إلى، أن “أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن العراق مرَّ بتاريخ طويل من العنف والصراعات، مما جعل الأدب الجاد أكثر انتشارًا في الثقافة العراقية. ورغم ذلك، أكّد أن الأدب الفكاهي كان في فترة النظام السابق وسيلة للمقاومة ضد الظلم، حيث كانت النكتة تُستخدم كأداة للخدش الجدار الذي كانت تفرضه السلطة. وأوضح أن هذا النوع من الفكاهة ينشر بشكل أكبر في الادب المصري.

وبين ان “الأدب الفكاهي هو أكثر من مجرد ضحكة؛ إنه أداة مقاومة، وأداة للتغيير، وأداة للتعبير عن واقع الإنسان في لحظات الألم والفرح معًا”.

حسين نهابة، رئيس مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع، تحدث عن مسار الأدب الفكاهي عبر العصور. وأشار إلى أن هذا النوع من الكتابة كان شائعًا في فترات حكم العباسيين والعثمانيين، والأمويين. وأوضح أن “القراء في الماضي كانوا يميلون إلى الأدب الجاد، بينما الأدب الفكاهي كان يُعتبر نوعًا أقل شيوعًا”.

وأشار نهابة الى أحد الكتب الفكاهية في داره وهو “المستطرف” التي تضم حوالي 300 نكتة، وقال إن هذه الأنواع الأدبية لا تلقى إقبالًا كبيرًا من القراء، الذين يتجهون عادة إلى الأدب الجاد. اضاف إن التغيرات الثقافية والاجتماعية التي شهدها العراق على مر العصور قد أدت إلى تغيّر تفضيلات الأدباء والقراء، وهو ما ينعكس في تراجع الأدب الفكاهي.

وبالرغم من هذا، ذكر نهابة أن الفكاهة قد تجد طريقها للتأثير مجددًا، ولكن عبر منصات التواصل الاجتماعي الحديثة. فأكد أن النكتة اليوم تصبح أكثر تأثيرًا وانتشارًا عندما يتم تداولها بشكل لحظي عبر هذه الوسائل وبشكل مباشر، بينما يكون لها تأثير أقل عندما تكتب في الكتب المطبوعة.

من جانبه، تحدث محمد البعلي، مدير دار صفصافة للنشر، عن التطور الكبير الذي شهدته الفكاهة الأدبية في العصر الحديث. وأشار إلى أن الفكاهة لم تعد مقتصرة على الأدب التقليدي، بل تطورت لتأخذ أشكالًا جديدة، مثل الميمز والكاريكاتير، التي أصبحت تواكب تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار البعلي إلى أن هذا النوع من الأدب الفكاهي لا يزال جزءًا من الأدب الشعبي، ويُستهدف في الغالب من قبل الجيل الأصغر، الذي يشمل الشباب والمراهقين الذين يتفاعلون بشكل كبير مع منصات التواصل الاجتماعي. واعتبر أن هذا التفاعل مع الميمز والنكت الإلكترونية هو تطور طبيعي في زمن التكنولوجيا، حيث أصبحت هذه الأنواع من الفكاهة أكثر سرعة وانتشارًا.

كما أكد البعلي، أن “الأدب الفكاهي قد تطور ليشمل جوانب اجتماعية وسياسية، يمكن أن يُستخدم في صور فكاهية حاملة لرسائل نقدية وساخرة من الأوضاع السياسية والاجتماعية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top