بغداد / جريدة العرب اللندنية
يشهد معرض العراق الدولي للكتاب بنسخته الخامسة على أرض معرض بغداد الدولي، الذي افتتحه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الأربعاء، مشاركة واسعة لدور النشر بأكثر من 350 دار نشر عربية وأجنبية فضلا عن دور النشر العراقية، حيث سيتضمن فعاليات متنوعة واستضافة لشخصيات ثقافية وفكرية.
وأكد السوداني في بيان دعم حكومته “للحراك الثقافي، ونتاجات المثقفين العراقيين، وكل ما يصب في تعزيز مناهل المعرفة والاطلاع لدى الجمهور العراقي.”
تشارك في المعرض دور نشر ومؤسسات ثقافية وتعليمية من العراق ومصر وسوريا ولبنان والأردن والكويت وقطر والسعودية والإمارات والمغرب وتونس وغيرها.
ويتضامن المعرض هذا العام مع دولة لبنان من خلال شعار “من قلبي حروف لبيروت” كما ينظم سلسلة من الجلسات الحوارية والحلقات النقاشية عن لبنان بحضور شخصيات ثقافية وفنية لبنانية بارزة.
وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون الثقافة عارف الساعدي إن “دورة المعرض لهذا العام مسماة باسم لبنان وهو حاضر بقوة دعما ومساندة له، بمشاركة دور نشر عربية ومعظم دور النشر العراقية.”
أشار الساعدي إلى أن “المعرض ليس فقط سوقا للكتاب بل انطلاق فعاليات متنوعة داخل المعرض ما بين الشعر والمسرح واستضافة الشخصيات الثقافية والفكرية كل هذه الفعاليات التي ستنعش بغداد لمدة عشرة أيام.”
من جهتها قالت مديرة عام مؤسسة المدى غادة العاملي إن “فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب بدورته الخامسة خصصت لبيروت ولبنان بشكل عام، لبنان الفكر والإنسانية والفن والحياة”، مؤكدة “حاولنا أن نظهر دورة المعرض لهذا العام بحلة مميزة من خلال تقديم النشاطات والفعاليات المختلفة فضلا عن المشاركة الكبيرة لدور النشر العربية والأجنبية التي بلغت أكثر من 350 دار نشر، ودخول أكثر من مليون عنوان إلى أرض معرض بغداد.”
وأكدت العاملي أن “المعرض سيشهد مشاركة فرق فنية كبيرة واستضافة عدد من الشخصيات المدعوة من خارج العراق وأيضا الشخصيات من مختلف محافظات العراق لتقديم الجلسات الحوارية النقدية والثقافية والفنية والفكرية بكل تجليات الثقافة المختلفة.”
بدوره قال مدير إعلام المعرض ياسر السالم إن “أهم ما يميز دورة المعرض لهذا العام رفع شعار تضامنا مع شعب لبنان الشقيق الذي يتعرض إلى عدوان صهيوني غاشم، بعد ما كانت الدورة السابقة تحمل اسم فلسطين.”
وأضاف أن “المعرض هذه السنة يتميز عن النسخ السابقة بأنه يضم دور نشر أكبر من الدورات السابقة، بمشاركة دور نشر خليجية ومغربية دخلت إلى العراق لأول مرة، فضلا عن حضور عدد من الشخصيات العربية والأجنبية لاسيما من بيروت، التي ستكون حاضرة في مجمل النقاشات التي ستجري على مسرح الندوات والحوارات الفكرية، وأيضا خصصنا برامج فنية وثقافية تتضمن تقديم أمسيات وقراءات شعرية.”
من جهته، أشار المتحدث الرسمي لجهاز الأمن الوطني أرشد الحاكم إلى أن “المعرض شهد إقبالا كبيرا منذ الساعات الأولى لافتتاحه من قبل رئيس الوزراء بتنسيق عال مع الجهات المعنية، المعرض يعكس مستوى الأمان والثقافة الموجودة في العراق.”
وأضاف أن “جهاز الأمن الوطني كانت له مشاركة فاعلة في المعرض لما له من أهمية في محاربة الحالات والظواهر التي تمس أمن المواطن في ما يخص المجالات المجتمعية والثقافية.”
وأوضح أن “هناك مبادرات أطلقها جهاز الأمن الوطني خلال مشاركته في معرض العراق الدولي للكتاب عبر انطلاق منصة ‘أمان’ المعنية بفحص الروابط وتحليلها إن كانت آمنة أم خطرة، فضلا عن أن هناك فريقا تطوعيا انطلقت مهامه في المعرض للتواصل مع المواطنين ونشر ثقافة الأمن الوطني، وكذلك تواجد فريق ‘حملة إحنا بظهركم’ أكبر حملة توعوية هدفها توعية الفتيات من مخاطر الابتزاز الإلكتروني، وأيضا هناك بادرة جديدة استحدثت لأول مرة بتواجد عجلة متحركة في بوابة المعرض خصصت لاستفسارات وشكاوى ولتوعية المواطنين من قبل ضباط مختصين ومعنيين بهذا الشأن.”
إلى ذلك، قال رئيس الوفد الكويتي المشارك في المعرض سعد العنزي “نحن الجهة الرسمية الممثلة لدولة الكويت في المعرض وكانت لنا مشاركات سابقة مع أشقائنا في العراق في معارض الكتب السابقة.” وأضاف “شاركنا بأكثر من 400 عنوان في دورة المعرض لهذا العام والجمهور العراقي متابع جيد لإصداراتنا التي تدعم بأسعار رمزية دعما وتشجيعا للمعرض ولجمهوره.”
أما المشرف العام على جناح وزارة الثقافة القطرية عبدالكريم سعد الحميدي فقد قال “تحرص وزارة الثقافة القطرية على المشاركة في الفعاليات والمحافل الدولية، وتأتي مشاركتنا الثانية في معرض العراق الدولي للكتاب تأكيدا على عمق العلاقات الثقافية ما بين قطر والعراق.”
يستضيف المعرض مجموعة كبيرة من الكتاب والمثقفين العرب ضمن فعاليات برنامجه الثقافي، الذي يشمل عددا من ندوات ولقاءات وأمسيات شعرية وورش عمل إلى جانب فعاليات فنية موسيقية وغنائية.
ويرى الكثيرون في معرض العراق الدولي للكتاب مساحة ثقافية جامعة، ووسيلة فاعلة للخروج من الطائفية والانقسام ومواجهة الظروف السياسية المضطربة وخلق مجتمع المعرفة والانفتاح خاصة على الأطفال والنساء الذين يواكبون المعرض بأعداد غفيرة في دورته الحالية.
في تصريح له يقول الكاتب العراقي كه يلام محمد إن “الثقافة هي الخيار الأمثل للخروج من عنق الزجاجة والبحث عن آليات كاشفة للمساحات المشتركة بقطع النظر عن التباين في الخلفيات الفكرية والعقائدية.” مضيفا “لا شك أن المشهد في المنطقة يسوده العنف وما إن تنتهي حلقة من حلقات البؤس في بقعة حتى تمتد النيران إلى غيرها، وبالطبع إن كل ذلك يزيد من المخاوف بشأن تفجر علب مشحونة بسموم الطائفية والمذهبية.”
ويتابع محمد “افتتاح معرض العراق الدولي للكتاب بنسخته الخامسة وسط هذه الأجواء الموبوءة إقليميا يعد تدبيرا استباقيا على المستوى الثقافي لحماية التكوين الاجتماعي والسلم الأهلي من المشاريع الهادفة إلى العودة بالعقول نحو نفق الظلامية والتجهيل.”
ويشدد في حديثه لـ”العرب” قائلا “أحسن القائمون على المعرض باختيارهم لبنان ضيفا لهذه الدورة فالأروقة والممرات مزدانة بصور رموزه الثقافية والفنية، فهذه الأسماء ساهمت ولا تزال في تشكيل لحظات الاستنارة العربية والنهوض الحضاري، فأجواء المعرض عموما تعيد إلى الذهن ما يؤكد أن من ردهات الثقافة والإبداع يولد الأمل من جديد.”
وفي تصريح له لـ”العرب” يقول الشاعر العراقي عامر الطيب إن “الفعاليات الثقافية ومن ضمنها معرض العراق الدولي للكتاب تأتي كما لو أنها دليل على أن ثمة حياة في هذا البلد الذي شهد أشد وأقسى الحروب والاقتتالات الطائفية في العصر الحديث.”
ويضيف “العراقيون على أي حال شعب قارئ، شعب مستمتع ومتابع وإن بدا أن السذاجة ضربت عقول الناس وأن مواقع التواصل الاجتماعي أبعدتهم عن الورق الذي يحتفظ بالكلمة الحقيقية، أنا شخصيا أرى أن عددا من العراقيين يقرأون اليوم ولديهم رؤية إلى حد ما في مناقشة الأشياء.” ويختم لـ”العرب” قائلا “لعلّ الفعالية هذه تأتي للدلالة على تشجيع الدرس المعرفي واحتمال تكاليفه.”
وحول حضور المرأة العراقية في فعاليات المعرض الذي زاد هذا العام علقت نساء حاضرات بين أروقته، فقالت إحداهن “هذه السنة ارتفع حضور النساء وتطور كبير مقارنة بالسنوات السابقة سواء بصفتهن متطوعات أو زائرات.” وعلقت أخرى “المرأة أساس المجتمع، وهي نصف المجتمع، ولذا فهي موجودة في أكثر من مجال في معرض هذا العام.”
من ناحيتها قالت ممثلة دار ياسمينا للنشر والتوزيع بسوريا “هناك نوعان من النساء، المرأة الناشرة والمرأة القارئة، الأولى تحتاج إلى دعم كبير للحضور في سوق يعتبر ذكوريا بالأساس، أما الثانية فالمرأة العراقية تعتبر قارئة بامتياز ولها حضور كبير في المعرض.”
الكتبيّة العراقية سمر تقر بأن التعامل مع المرأة العارضة في المعرض لطيف، تقول “هذه السنة الرابعة التي أشارك فيها في فعاليات المعرض، هناك تعاون كبير معنا.”
أما ممثل شركة أساسيل المشاركة في المعرض فيقول إن “الثقافة والفنون هي أداة إبلاغ صوتنا إلى العالم، ولنقول إنه رغم الصراعات التي مررنا ونمر بها مازلنا باقين، ومن هذا المنطلق قمنا بشراكة مع مؤسسة المدى لدعم هذا المعرض الدولي الكبير.”