حارث رسمي الهيتي
تصوير محمود رؤوف
ضمن المنهاج اليومي للندوات والفعاليات التي تقام على ارض معرض العراق الدولي للكتاب، ضيفت قاعة الندوات كلا من المفكر د.محمد حسين الرفاعي (عبر سكايب) والمحلل السياسي والاكاديمي د.اياد العنبر للحديث عن الاحزاب السياسية في العراق بين النمطية والتحديث، وادارها الاعلامي حسام الحاج وحضرها عدد كبير من الجمهور تناولت محاور وتعريفات مهمة للاحزاب عموماً والعراقية منها على وجد التحديد.
وبعد ترحيبه بضيوف جلسته والجمهور، ابتدأ الاعلامي حسام الحاج حديثه بشكره لمؤسسة المدى على هذه الجلسة وعلى التنظيم الهائل لهذا الحدث، مبيناً ان بغداد بحاجة في هذه الفترة الى ان تنفتح معرفياً وحضارياً سياسياً وثقافياً على جميع الدول الجارة والشقيقة.
الحاج بين ان «الحديث عن الاحزاب السياسية هو حديث طويل وواسع وبالامكان القول ان الاحزاب السياسية في العراق تتفرد في تعريفها الاكاديمي بشكل مغاير ومختلف وربما متناقض مع المتعارف عليه في التنظيمات الحزبية»، معتقدا ان «التنظيمات السياسية في العراق ماهي بالحقيقة الا تجمعات انتخابية تنتعش وتبقى وتنمو بقدر ان يكون لها من النفوذ السياسي وجود، لكنها تتراجع وتضمحل تدريجياً كلما خسرت في الانتخابات او تراجعت عنها».
وقال العنبر ان «هناك حيرة بالوصف او الوصف الاكاديمي غالباً ما يصطدم بالمقاربات الواقعية، وعلى اعتبار ان الوضع السياسي في العراق هو بالمفهوم العلمي فنحن في مرحلة التحوّل لبناء دولة ديمقراطية، فكل ارهاصات التحول عادة تكون مشوهة، مضطربة وحتى فوضوية وهذا طبيعي جداً في مثل هكذا تجربة، غالباً ما تواجهنا مشكلة المفهوم المعياري وكيف يتم تحويله على مطابقة الوصف الواقعي، هذه المشكلة تواجه اي باحث او اي شخص يريد ان يصف واقع التجربة الحزبية في العراقية خاصة بعد العام 2003، باعتبار الانتقال من حزب واحد دكتاتوري شمولي الى احزاب متعددة بإفراط، المشكلة الاساسية اذا عدنا الى تعريف الحزب بأدبيات العلوم الاجتماعية وادبيات العلوم السياسية تحديداً يقول مجموعة من الافراد يجتمعون في تنظيم معين وفق ايديولوجية معينة هدفهم الوصول الى السلطة او المشاركة فيها او البقاء فيها، ثم هنالك آليات تتعلق بالتنظيم والمشاركة».
ويضيف العنبر «عندما تأتي لتطبيق هذا الوصف على العراق ستجد ان الوصف الادق الذي ينطبق على الجماعات السياسية في العراق ان هدفهم الوصول الى السلطة، بقية المعايير قد تكون محط جدل من حيث وجودها من عدمه، هنا انا لا اتحدث عن الجانب القانوني فقانون الاحزاب موجود ولكن تطبيقه فيه الكثير من الاشكاليات، في العراق ممكن ان نطلق عليها جماعات سياسية او كيانات سياسية لكن وصف احزاب سيجعلنا نواجه مشكلة تقسيمات الاحزاب السياسية، وهذه الاخيرة في الواقع عادةً ما تقسم الى قسمين الاول احزاب هيكلية والثاني احزاب جماهيرية، فيما يتعلق بالأحزاب الهيكلية فان جميعها في العراق هي احزاب هيكلية تقريباً، اما الجماهيرية فحقيقة هذا لا ينطبق الا على وصفين الاول الحزب الشيوعي والوصف الثاني التيار الصدري».
من جانبه قال المفكر د.محمد حسين الرفاعي «اذا اردنا ان ننطلق بمفهوم الحزب بمعنى حديث من داخل حقل سوسيولوجيا السياسة عن الحزب يجب ان نتعامل معه بوصفه منظمة مجتمعية، يعني انها تقوم على السعي الى المشاركة في ممارسة السلطة يعني الدخول في حقل الفعل السياسي، والحزب اذن يفهم ان هذه المنظمة المرتبطة بمفهوم مجتمعي كلي او جزئي يعني ان كل حزب يأخذ على عاتقه ان يمثل مجتمعه او جزءاً من مجتمعه».
وأضاف ان «المشروع المجتمعي الذي يجب ان يقوم عليه اي حزب هو مشروع بناء الدولة، ولكن الاختلاف حول اية دولة نتحدث، فالدولة هي التي تقوم على المجتمع، ونحن لدينا ازمة تتمثل بأننا اخذنا هذه المفاهيم من دون صيرورتها المجتمعية السياسية والثقافية، من دون الثورات التي حدثت في بلدان القانون والسياسة»..
الرفاعي اضاف ان «احزابنا تسعى للوصول الى السلطة وعندما تصل الى هذه السلطة فنحن نخطئ عندما نصفها بأنها تمارس الفساد، وفي الحقيقة هي لا تمارس الفساد بل تمارس شكلا من اشكال توفير او تهيئة الشروط او شروط الامكان في ان تستقل عن قاعدتها الشعبية فهي تستخدم القاعدة الشعبية والجماهيرية من اجل الوصول الى السلطة، تستخدمها استخداماً شيئياً اداتياً، فنحن الآن لدينا واحد من افضل دساتير العالم الثالث لممارسة الديمقراطية، لكن كيف اُخذ هذا الدستور، وكيف مورس في التشريع، لا يمكن فتح الافق امام العالمية من دون ان تكون لدينا مكافحة حقيقية للامية».