حارث رسمي الهيتي
تصوير:محمود رؤوف
(العراق ودول الجوار) هو عنوان ندوة افتتح بها معرض العراق يومه السادس، ادارها أستاذ العلوم السياسية د.عامر حسن الفياض، واشترك فيها كل د.محمد الحاج حمود والمفكر غالب الشابندر.
البداية هي حيرة، هكذا افتتح الفياض حديثه، مبيناً ان “عدد حضور الندوة ليس قليلاً وليس كثيراً، الحضور في جلسة اليوم نوعي، والحضور يرتبط بشكل أو بآخر بكراهيتنا للسياسة، فاذا كان النظام شموليا قمعيا وصلبا فمن خلاله كرهنا السياسة، واذا كان النظام السياسي تعدديا فوضويا سيّالا كرهنا السياسة”.
د.محمد الحاج حمود قدم مداخلته بعد شكر الحضور ومدير الجلسة، مبيناً ان “هذه الافكار التي طرحت تحتاج الى عمق كبير من التفكير والاجابة، انا اتكلم الآن كمواطن عاش في العراق منذ طفولته الى الآن، وافكر كمواطن عراقي ولدي هواجس كثيرة في هذا المجال، فالعراق من الدول المتمتعة بالكثير من الخيرات البشرية والثروات الطبيعية يتميز بها عن غيره من سكان المنطقة”.
وأضاف “اثناء عملي في الامم المتحدة ينظر الينا باحترام وتقدير كبيرين، وما حصل في العراق نتيجة لمركزه الانساني والاقتصادي المهيمن، فهذا المركز الاقتصادي لو قدر للعراق بأن يحكمه من ينتبه الى شعبه لكان وضع البلاد الآن مختلفا”، مبينا “في يوم ما شبه العراق بالدول الاسكندنافية من حيث التعليم مثلاً، لكن مؤامرات الدول الكبرى مع مؤامرات بعض العراقيين في الداخل أوصلتنا الى حاله هذا”.
واضاف الحاج حمود ان “بعض العراقيين بالداخل وضعوا ايديهم بيد الاجنبي وبهذا نزلنا من وضع الدولة الاسكندنافية الى وضع الدولة النامية الفقيرة، الآن سياسة الاقتصاد مرتبطة بالأجنبي والنفط يدار من قبل شركات النفط والدول المسيطرة على شركات النفط، وهناك استنتاج قديم توصلت اليه من ان الكارتل النفطي هو من يحكم الدول المنتجة للنفط، وان حكومات هذه الدول ما هي الا ادوات تنفيذ للسياسة الاقتصادية لتلك الدول الكبرى”.
وبين ان “اقتصادنا كله ارتبط بنفوذ هذه الشركات، ففي العهد الملكي استطاع ان يبني العراق بحدوده الحالية رغم التهديدات وهذا يرجع بالاغلب الى السياسة البريطانية التي كانت تقضي بأن يكون العراق هكذا، وبمساعدة بعض من حكموا العراق. فالعهد الملكي كان يمتاز في فترته الاخيرة بمجلس الاعمار وهذا في ذلك الوقت كان ثورة اقتصادية كبيرة، كل هذا رغم تحفظي ورأيي الشخصي بالعهد الملكي. بعد العهد الملكي بدأنا بمرحلة الانهيار التدريجي الى ان وصلنا اليوم الى انهيار كامل”.
بعدها تحدث المفكر غالب الشابندر عن حساسية هذا الموضوع الذي تناولته الجلسة، فهي تمس مصير العراق وتمس مصير حضور هذه الجلسة حتماً، ولهذا يتطلب ان يكون التحليل تحليلاً بنيوياً وجريئاً حتى يكون بمثابة جرعة من جرعات مواجهة المخاطر والظروف التي نعيشها والمستقبلية.
وقال الشابندر ان “العراق بلا شك الآن منطقة صراع اقليمية هذه كمرحلة اولى ولكنه على المدى البعيد منطقة صراع دول عالمية واقصد صراع روسي امريكي صيني، في الادنى من ذلك هو منطقة صراع سعودي ايراني تركي وحتى سوري واردني، وفي الداخل هو منطقة صراع سني شيعي تركماني كردي باحزابهم وبقياداتهم السياسية، وهؤلاء يشكلون ادوات لدول الجوار، ودول الجوار منسقين مع الدول الكبرى، الصراع على العراق صراع معقد جداً، داخلي، اقليمي، عالمي،”.
ويبين الشابندر اسباب هذا الصراع، معتبراً ان “السبب الاول يعود الى الموقع الستراتيجي للعراق، حيث انه ممر ومستقر ويكاد يكون البوصلة التي تقع على كل حافة الحضارات العالمية، والثاني الخيرات التي يتوفر عليها العراق، وثالثاً التراث الموجود والموقع الحيوي، هذا الصراع في الايام المقبلة سيشتد أكثر لأسباب منها الظروف الاقتصادية المزرية التي تمر بها ايران وتركيا، الكويت لديها عقدة من العراق وهي تعمل على الخلاص من الهرين (العراق- ايران) لذلك هي تسعى الى ان يبقى العراق بحاله هذا فهي تحرك باتجاه ان تبقى النزاعات الطائفية والعرقية هنا”.
وتابع “اما ايران فهي تريد للعراق ان يكون شبه شيعي ولكنه ضعيف وتركيا تريده شبه سني لكنه ضعيف، اما السعودية فمعادلتها للعراق تغيرت عن قبل، الآن هي تريد ان يكون للسنة رقم صعب في العملية السياسية العراقية. اما سوريا التي ساهمت مساهمة كبيرة في زعزعة الاوضاع في العراق ايام ما كانت ترسل السيارات المفخخة والانتحاريين، كل هذه الدول تريد من العراق ان يكون ضعيفاً وكل هذا مرجعه غياب الولاء الوطني ونظام المحاصصة الطائفية، اي نظام يقوم على اساس المحاصصة الطائفية يكون فيه الولاء للخارج الاجنبي حاضراً وبقوة”