بسام عبد الرزاق
تصوير: محمودرؤوف – وسام العقيلي
“الحب لا يعلل”، حين يُسأل عن حبه للعراق، هكذا يجيب الكاتب المصري الكبير يوسف زيدان، وهو يتباهى فكريا ومعرفيا وجماليا في محبة العراق، بين جمهوره البغدادي في معرض العراق الدولي للكتاب.
ويجيب زيدان على أسئلة الروائي علي بدر، الذي ادار الجلسة، عن علاقته بالجمهور العراقي الذي يقرأ له ويتابعه، بان “هذه ليست اول مرة أزور فيها العراق، لكن قبلها انا كنت اتواصل مع الكثير من الشباب العراقي بسبل مختلفة واعرفهم شخصيا ولم يكن ذلك مستغربا عندي”.
وأضاف انه لا يعرف “مرة اصطدمت فيها مصر بالعراق ابدا، طوال التأريخ المعروف لم يحدث ان جيشين من هنا او هنا اصدما، ولا اعرف ان تنافسا تم بين عراقي ومصري، الجواهري على سبيل المثال محبوب جدا في مصر وطه حسين عندما كان يتكلم عن مستقبل الثقافة كان يحرص على بيان البعد العربي دون أي نوع من المنافسة”، لافتا الى ان “على مستوى الجوائز لا اعلم ان متقدمين تنافسا على جائزة أحدهما كان من العراق وآخر من مصر”.
واكمل ان “العراق في الوجدان المصري عظيم، واظن العكس أيضا، والذي جمع فقط بينهما ان المحاولة العبرانية عند كتابة التوراة للحط من العراق ومصر”، مشيرا الى انه “كان عزرا وهو يكتب التأريخ، يكتبه في منطقة قاحلة بين ناطحتي سحاب، فبابل رمز العراق التي صعدت مصادر الزرع وتوزيع المناخ أصبحت فجأة هي النمرود الذي أراد ان يصعد ليحارب الله، وفي المقابل مصر القديمة والبهية الراقية والتي ترفع من شأن المرأة تحولت في القراءة العبرانية المأزومة الى نساء خليعات يراودن الفتى العبراني عن نفسه ويأبى عليهن”.
وتابع انه “يقولون لنا في عرض هذا الحديث ان هناك ثلاثة تابوهات: الدين، والجنس، والسياسة، وانا أقول لهم ماذا بقي؟، لو ان الكاتب والقائل تجنب هذه الأمور سيتجنب الحياة”.
وأشار زيدان الى ان “هناك تاريخا حقيقيا وتاريخا مزيفا، هناك كذب لخدمة مصالح مؤقتة تؤدي الى تشويه وتشتيت الرؤيا العامة للمجتمع، ويوجد تاريخ حقيقي موجود في الكتب والوقائع ولكن تمت التعمية عليه فأصبح المجتمع العربي في معظمه اعمى، فهو لا يعرف التاريخ مع انه موجود في الكتب والعقل، وفي قول ابن خلدون، ينبغي علينا إعمام العقل بالخبر، ليس من المعقول ان يكون تاريخنا طموح جارية او مقرر دراسي”، مبينا انه “في نفس الوقت الذي صاغ فيه أناس عظماء تاريخ الإنسانية، بالتالي انا لا أوافق على تاريخ بديل، انا أوافق على تاريخ حقيقي وتاريخ تم تزييفه”.
وذكر انه “اتعرض لسؤال كل دقيقة، لماذا انت تحب العراق؟ أقول انه بلد عريق، لماذا؟، لأنها إجابة لسد الذرائع، لا تسألني عن شيء اجاوب عليه في ساعة ونصف، وانا لو حللت السؤال في طريقتي ستظهر أشياء كثيرة، لماذا؟، لا يصح اقتران الحب سؤال لماذا الحب، الحب لا يعلم، والا أصبح شيئا آخر غير الحب، فالحب لا يعلل”.
وأضاف انه “من الخطأ المنطقي ان نقرن لماذا بالحب، والحب في مذهبه، لا يقال الا عند طلب النوع بالنوع”.
وذكر زيدان انه “في دار المدى في شارع المتنبي جاءني مرة جمع من الشباب ووقفوا حولي، وجاء ولد خجول أخبرني انه مهندس ورسام وقمت برسم صورتك وأريد ان اهديها لك، قلت له ابقيها معك حتى تتذكرني من خلالها، وقدمت لهم المحاضر ورأيت عمائم سنية وشيعية وشخصيات يسارية، وقلت لهم إياكم والتعصب المذهبي، لأنه يأكل الأخضر واليابس، لكني بكيت حين عرفت ان الشاب الذي رسم لي الصورة قد قتل وهو الشاب “صفاء السراي” يومها جلست أدخن السجائر من اول الليل الى الفجر، واخذتني اغفاءة وصحوت على ذبحة صدرية، انقذت منها فيما بعد”.