حارث رسمي الهيتي
في اليوم الثاني لانطلاقة معرض العراق الدولي للكتاب، وضمن المنهاج المعد للندوات، كانت جلسة حوار الجمهور مع وزير النفط العراقي احسان عبد الجبار إسماعيل، في جلسة ادارها الإعلامي عماد الخفاجي.
ابتدأ الوزير حديثه، باعتباره ابن هذه الوزارة، عن التحديات التي تواجه وزارته في هذه المرحلة، مبيناً أن أهم “تحد يواجه الوزير والوزارة هي التشريعات والقوانين، فوزارة النفط تدير ثروة وتتعامل مع منتوج يمثل عصب الحياة للعالم، وتتنافس مع المنتجين الآخرين في إيجاد المستثمر الجيد وفي الحصول على سوق لما تنتجه، وهي محكومة مثل غيرها بنفس القوانين والتعليمات ومحكومة بنفس وجهة النظر من قبل الجهات الرقابية وان صناعة الطاقة صناعة متحركة ديناميكية وهي بذلك تحتاج إلى قرار سريع وشجاع فوجود التشريعات العامة يجعل من القرار إن لم نقل متلكئا فهو متأخر”.
وأضاف “نحن نتحدث عن التشريعات والتوجيهات والتعليمات وآلية التعاقد والصرف الحالية ونقصد هنا ما يصدر عن الجهات التي تمتلك صلاحية التشريع مثل البرلمان وإصدار التعليمات مثل وزارة التخطيط ووزارة المالية، هذه تقريباً أهم التحديات. يضاف الى ذلك التحدي العام لكل البلد وهو تحدي تمويل المشاريع والتحدي الأمني”.
وأشار الى ان “التحدي الحقيقي الذي يؤخر من صناعة الطاقة هو تحدي التشريعات، فنحن في الوزارة نعمل على نوع من التفكيك لهذا التحدي، أولاً كادر الوزارة يعمل على نظام خاص للتعاقدات وهذا النظام في حال تمريره من قبل مجلس الوزراء والجهات الأخرى سيعالج جزءا من المشكلة، الجزء الآخر هو بنيوي في الثقافة العامة، ويتعلق بقانون الضريبة وقانون الكمارك وقانون الإدخال الكمركي وقانون الإقامة وقانون بيع وإيجار أموال الدولة، كانت هنالك محاولة عام 2018 لإعفاء جزء من الصناعة النفطية وهي الصناعة الاستخراجية من هذه القوانين، وصدر قانون رقم 4 لعام 2018 وهو قانون تأسيس شركة النفط الوطنية الذي عالج هذه المشكلات برمتها، وبالأخص الصناعة الاستخراجية من كل هذه القوانين، وأعطى لهذه الشركة صلاحية اصدار التعليمات والنظم الداخلية لادارة شؤونها، للأسف تم الطعن بهذا القانون داخل المحكمة الاتحادية، تم الطعن من قبل بعض السلطات أعتقد (وزارة المالية، البنك المركزي) ولعدم إدراكهم أهمية الصناعة الاستخراجية، تعاطوا مع النص القانوني ولم يتعاطوا مع الهدف من هذا النص القانوني. الآن هناك نوع من التحديث لهذه القوانين، من الممكن أن يعمل البرلمان المقبل على النظر فيها بعين جدية”.
وفي معرض إجابته عن ما يخص التعاقدات، وعن وجود أكثر من جهة انتقدت في يوم من الأيام عقود التراخيص ومشاكلها، فهل هنالك مشكلة في عقود التراخيص؟، كم نخسر وكم نربح وهل هنالك حلول معينة؟، قال الوزير إن “العقد هو الذي ينظم العلاقة التعاقدية لطرفين، من غير الممكن أن يمثل العقد مصلحة طرف من دون الآخر، العقد يجب أن يضمن الاستفادة للطرفين، اذا كانت هناك نقاط سلبية على العقد فهي انها لم تعط للمشغل او المقاول المستثمر الحوافز التي تؤدي الى حماية وجوده ومقاومته للمخاطر. نتكلم على سبيل المثال عن حقل الرميلة، هذا الحقل انتاجه اليوم مليون وأربعمائة ألف برميل، كلفة انتاج البرميل من البئر الى سطح الباخرة لا تتجاوز أربعة دولارات ونصف، البلد يستفيد من برميل النفط ربحية صافية أكثر من 70 دولارا لكل برميل، المستثمر يستفيد أقل من 70 سنت لكل برميل، هذه المعادلة في حقل الرميلة. وهي معادلة تشبه ما موجود في حقل غرب القرنة 1 وحقل غرب القرنة 2. لذلك خسرنا شركة أكسن موبيل، وخسرنا شيل. سبب خروج هذه الشركات هو الربحية القليلة مقابل حجم المخاطر في البلد، رغم ذلك فالانجاز الايجابي أكثر من السلبيات المشخصة”.
وعن البصرة قال ان “المدينة تتضرر كثيراً، ربما ينتفع البلد ككل لكن المدينة تتضرر، في بلدان معينة تقدم الشركات ايضاً حوافز، ليس فقط الدولة من تقدم حوافز، مثلاً البعثات الدراسية والمشاريع التي تخص المناطق السكنية القريبة، بهذه الطريقة تصبح هنالك علاقة ود بين البيئة والشركة، فهل الآن هي مفقودة؟”.
كما تحدث الوزير عما قدمته الشركات الغربية في المدينة من خدمات كبيرة جداً، فشركة نفط البصرة بالذات مثلاً موّلت أول مشروع لمستشفى الطب النووي بكلفة 22 مليون دولار، أخذت على عاتقها ايضاً صيانة وادامة مستشفى السرطان التخصصي للأطفال وصرفت 3 ملايين دولار على اعادة تأهيل المستشفى، وخصصت 600 الف دولار لتدريب الكوادر الطبية في مستشفى آخر. شركة نفط البصرة عملت مستشفى القلب التخصصي وهو أرقى مستشفى للقلب في البلد، وتقدم خدمات شبه مجانية لكل أبناء المدينة. سبب نزوح المحافظات الجنوبية والوسطى نحو البصرة هو وجود مثل هذه الفرص. وزارتنا تبذل جهودا كبيرة كي توازن بين الاضرار البيئية والمنافع الاجتماعية، لدينا ايضاً في وزارة النفط 257 طالب دكتوراه تم حصولهم على هذه الشهادة عبر الاتفاق بين وزارة النفط وبين هذه الشركات.
وعن تأمين المستقبل عبر تأمين الطاقة ورؤيته للطاقة ضمن مستقبل العراق يقول “منذ خلق الخليقة التغير في استخدام الطاقة مستمر وطبيعي وهو لم يجرِ مثلما تصفه التخوفات الموجودة، التحول نحو مصدر آخر للطاقة امر طبيعي، ولكن متى سيكون هذا التغير؟ هذا يحدده السوق، وقدرة الطاقة البديلة على أن تحل محل الطاقات القديمة وان كل المعطيات تقول ان العراق سيبقى يعيش حالة رفاه من ناحية العوائد من تصديره للنفط لغاية 2035، وما بعد هذا التاريخ لا يعني ذلك أن الغاز سوف لن يستخدم. في عام 2050 على الدولة العراقية أن تستثمر أكثر لتتحول الى الانتاج الصديق للبيئة ومع هذا سيبقى العراق أحد أهم البلدان في مجال صناعة الطاقة، فوزارة النفط تدخلت بإعطاء دفع لوزارة الكهرباء للتحول الى مجال الطاقة النظيفة، صناعة الطاقة في العالم ترتبط بالسلطة السياسية، في العراق هناك تباين بين رئيس وزراء وآخر في موضوع الاهتمام بالغاز”..
وعن احتمالية أن يقدم رئيس الوزراء على استحداث وزارة الطاقة يذكر الوزير ان “الحل الاهم هو عن ماهية الربحية المتحققة، الفلسفة يجب ان تكون في التحول الى النشاط الربحي ففي العراق، وزارة المالية تعمل وكأنها منظمة مجتمع مدني تدفع الاموال لكل الوزارات دون ان يكون هنالك عائد لها وان في وزارة النفط هنالك توازن بين ما يدفع لنا وبين ما نقدمه لخزينة الدولة”.