0%

معرض العراق الدولي للكتاب يسلط الضوء على جميل صدقي الزهاوي

بغداد/ بكر نجم الدين
عدسة/ محمود رؤوف

في اليوم الثالث من أيام معرض العراق الدولي للكتاب انطلقت الندوة الأولى بعنوان (الاحتفاء بالشاعر جميل صدقي الزهاوي)، حيث قدم الندوة الباحث رفعت عبد الرزاق، وضيفه الأستاذ المختص بالتاريخ الحديث (ماهر جبار)، وبحضور جمع من الشعراء والمثقفين والصحفيين.

استهل المقدم الجلسة بكلمات ترحيبية بالضيف والحضور، ثم انتقل لنبذة تاريخية عن الشاعر قائلاً: “جميل الزهاوي علم من أعلام العراق وأحد أشهر المعاصرين للثورة العربية الفكرية، ينتسب إلى الأسرة البابانية الشهيرة في العراق، والتي تولت إمارة بابان لفترات طويلة، كان والدهُ مفتي بغداد، إلا أن جدهُ الملا أحمد بابان استقر في مدينة (زهاو)، لذلك انتقل لقب الزهاوي إلى أسرتهِ” ويضيف المقدم بأن مؤسسة المدى أصدرت عنهُ ملاحق عديدة، وكُتبت عنهُ الكثير من المقالات الصحفية والبحوث.

ثم يوجه الكلمة للضيف والذي بدأ حديثه بموجز تاريخي عن اليقظة الفكرية العربية، لينتقل بعد ذلك إلى تاريخ الأحرف العربية والطباعة والنصوص المكتوبة ثم الصحف ونشأتها وتطورها وتاريخها، مبيناً أن العراق كان متأخراً في ذلك الجانب، إلا أنه لم ينطفئ، بل كان لهُ دور كبير في رفد الدول العربية بالشعراء والمفكرين.

ويسترسل (جبار) قائلاً: “الزهاوي من مواليد بغداد ١٨٦٣،  كان مبدعاً ومتميزاً في الجانب الفكري العراقي، إضافة إلى اسهاماته المهمة والمتعددة في التاريخ النهضوي العربي. مشيراً الى أنهُ تقلّد عدة مناصب كبيرة في الدولة، لكن تلك المناصب لم تدفعهُ لترك مبادئهِ، رغم الاوضاع المقيدة لحرية التعبير والرأي إبان ذلك.

ويضيف: “ابدع الزهاوي في الفلسفة والعلوم المختلفة، أما الشعر فلم ينجر إليهِ إلا أواخر حياتهِ، إذ تميز شعره بالجزالة والابداع من خلال استخدامهِ للمصطلحات العلمية الواضحة والدقيقة، وتوظيفهِ للأفكار الابداعية عبر كلماتهِ الشعرية، وهو الأمر الذي زاد من منتقديهِ.

ويستمر الضيف بالحديث قائلاَ: دافع الزهاوي عن المرأة في العام ١٩٠٠، وكتب الشعر في حقوقها وحريتها، ثم كتب قصيدة عن شهداء ثورة العشرين، كما كانت لهُ مشاكسات شعرية كثيرة أشبه بالمعارك الفكرية، إذ تسابق مع الشاعر معروف الرصافي في نشر الفكر النهضوي رغم القيود المفروضة تلك الفترة، وساهم في نشر الثقافة والعلم إلى الجمهور من خلال منبر أحد المقاهي والذي سمي لاحقاً باسمهِ (مقهى الزهاوي).

ويذكر (جبار) أن للشاعر قصائد عديدة أبرزها رباعيات الزهاوي، والتي كتبها معلقاً على رباعيات الخيام، وديوان (الأوشال) الذي اختصر بهِ جميع أفكارهِ، وأهداهُ إلى الأجيال القادمة في بغداد.

ويضيف:  قصيدة (ثورة في الجحيم) هي التي فتحت النار على الزهاوي، إذ وصل الهجوم لمعاتبة الملك فيصل رغم كونهِ من المتنورين، ليرد الزهاوي على الملك فيصل قائلاً: “لم أكن استطيع الإشارة إلى من في الأرض، لذا أشرت إلى الجحيم”.

ويشير (جبار) إلى أن الحديث عن هذا الشاعر الكبير أمر موجع، بسبب المشاكل التي عاصرها في حياتهِ، إذ يصف الألم الذي عاناهُ من خلال كلمات للزهاوي قائلاً: “عندما تكون السيوف مسلطة على أبناء البلد، وتأتي الحمى من داخل الجسد لا خارجه” موضحاً أن الألم تمثل في جانبين، الأول هو الاشادة من الشخصيات العربية المعروفة أمثال عميد الأدب العربي (طه حسين)، والذي كتب عن الزهاوي قائلاً: “لم يكن الزهاوي شاعر العراق فقط، بل شاعر مصر أيضاً”.

هذا المديح العربي قابلهُ في الجانب الثاني داخل العراق نقدٌ هدفهُ التسقيط من الشعراء أمثال وليد الأعظمي الذي قال عنهُ: “شاعر مكثر، يحشر النظريات العلمية في شعرهِ، ورباعياتهُ لم تكن إلا ترجمة لرباعيات الخيام”.

من خلال ذلك  يؤكد (جبار) أن النقد الذي واجه الزهاوي في العراق نقد غير بنّاء ولا يمت للشعر بصلة، ويذكر في الختام بأن الزهاوي فارق الحياة عام ١٩٣٤، ودفن في مقبرة الخيزران والتي تسمى اليوم مقبرة أبي حنيفة النعمان.

ثم يبدأ مقدم الجلسة فقرة الأسئلة والمداخلات، لتأتي المداخلة الأولى من أحد الحضور متسائلاً: “زرت قبر الزهاوي قبل سنتين ووجدت قبرهُ أصبح مخزناً لحفاري القبور”، فيجيب الضيف: “كان الزهاوي معارضاً للتيار الإسلامي المتشدد، حتى رفض أبن أخيهِ أمجد الزهاوي الصلاة عليهِ، لأنهُ يعتبرهُ ملحداً”، ويؤكد مقدم الندوة أن القبر جُدد لاحقاً.

تنتهي الندوة بتوجيه كلمات الشكر والتقدير لمؤسسة المدى والضيف والحضور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top