0%

..هل ينجح معرض العراق الدولي للكتاب في أن يصبح أداة تغيير؟معرض الكتاب بعيون الصحافة..الدورة الخامسة من المعرض تتحدى الظروف الإقليمية المضطربة

متابعة

يؤمن القائمون على معرض العراق الدولي للكتاب بدوره في الحراك الثقافي ونشر المعرفة علاوة على دوره الاجتماعي في تجاوز كل أنواع الانقسامات والنعرات الطائفية والخلافات السياسية في مساحة ثقافية متعددة الألوان والتوجهات والانتماءات تضم الجميع، ولكن في ظل ظروف سياسية صعبة وأحداث إقليمية كبرى، تسأل ”العرب” عددا من المثقفين العراقيين والعرب عن قدرة هذا الحدث على التغيير.

فرصة

يواصل معرض العراق الدولي للكتاب فعاليات دورته الخامسة وسط إقبال كبير من العراقيين بمختلف شرائحهم، ما خلق مساحة هامة لاقتناء الكتب واللقاءات الثقافية خاصة تلك التي يقترحها المعرض لزواره من أنشطة متنوعة.

الإقبال على المعرض وإن مثّل مساحة أمل لكل العراقيين فإن ذلك لا يخفي الأوضاع الصعبة والتحديات التي يواجهها في ظل الظروف التي يمر بها العراق والمنطقة عموما، من عودة النعرات الطائفية والحروب والصراعات والتصدع الاجتماعي، ما يجعل مهمة المعرض ليست بالسهلة.

ولا يتوقف دور معارض الكتب عند بيع المؤلفات واقتنائها، والحركية الاقتصادية التي تبعثها دور النشر المحلية والدولية المشاركة والأنشطة الموازية التي تنتعش بدورها، ما يجعلها محركا هاما للمجتمع، لكن دورها يتجاوز الحركة الاقتصادية والترفيهية إلى منابر للتثقيف ونشر المعرفة ونقاط التقاء بين كل التوجهات والشرائح في تأكيد على أن الثقافة وحدها من يمكنها تثمين التنوع والحفاظ عليه.

ويعي منظمو معرض العراق الدولي للكتاب هذه النقاط جيدا، ولذا يحاولون استقطاب شرائح مختلفة إلى أروقة المعرض وقاعاته وأنشطته الموجهة للكبار والصغار على حد سواء، علاوة على الانتقاء المدروس للكتب والدور المشاركة، لمواجهة أصحاب الكتب الصفراء التي تغذي الفتن والعنف وغيرها من ويلات عانى منها العراق طويلا.

من ناحية أخرى ليس المعرض بمعزل عمّا يحصل في محيطه، ومن هنا جاء احتفاؤه بلبنان وثقافته ورموزه وأعلامه الثقافيين، خاصة وأن لبنان بما يمثله من بلد مؤسس في الحداثة العربية يشهد اليوم ظروفا صعبة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا زادت من قسوتها الحرب وحالة الانقسام.

ويحاول معرض العراق إذن أن يضع قدما في أرض العراق التي مازالت تحاصرها المخاطر وقدما في ما يطرأ من أحداث خارج العراق، وهو ما يبدو رهانا صعبا قد لا تكفي الفعاليات المعتادة من أمسيات شعرية ونقاشات أدبية أن تكون مؤثرة في تناوله.

وفي حديثه لـ”العرب” يقول الدكتور إبراهيم سبتي “أيّ أحداث لها علاقة بالوضع السياسي العام للبلد أو البلدان المجاورة، ستؤثر حتما على الفعاليات كافة وستنعكس بالتأكيد على جميع الأفكار الجديدة التي قد تدفع نحو تقدم الأنشطة وخاصة الثقافية.”

ويضيف “معرض العراق الدولي للكتاب في بغداد، أحد روافد انتعاش الثقافة في العراق لاسيما بحضور جميع الدور التي تعرض كتبها فيه لنا علاقة مباشرة أو غير مباشرة، خاصة وأن الأديب العراقي يطبع نتاجه الإبداعي في مختلف الدور العربية، وهو انفتاح بات يشكل نهرا متدفقا لزيادة حجم التعاطي مع الأحداث الجارية. بالتأكيد إن معرض الكتاب سيكون له تأثير مباشر على ردم الهوة الناتجة عن جميع الأحداث التي لا يريدها المثقف العراقي أن تؤثر عليه”.

بدوره يعتقد الناقد العراقي سلمان كاصد أن السؤال عن علاقة المعرض بمواجهة الظروف السياسية المضطربة في المنطقة يلخص تماما ما يجري من الأوضاع السياسية العربية الآن وتأثيرها على استقبال الكتاب وفاعليته في المشهد الثقافي اليوم.

ويضيف “الأحداث تجري بوتيرة سريعة من حرب غزة إلى لبنان وأخيرا سوريا، بينما ظلت إصدارات وطباعة الكتاب بطيئة متراخية كون المنتج المعرفي العربي يبدو متراخيا بمجمله، بسبب كثرة ما يعانيه العقل العربي من مشكلات على كافة الأصعدة، الاجتماعية والفكرية والسياسية”.

ويشدد كاصد على أن “معارض الكتب وتجمعات المؤسسات الثقافية فيها (وبخاصة أننا نجدها متلاحقة وبوتيرة سريعة) لا تفرز ولم تفرز حدثا يمكن أن يلفت النظر، ويؤثر في البنية الاجتماعية. أولا: لكونها فاقدة للتجديد المعرفي. ثانيا: خاضعة لتوجهات المؤسسات المشرفة عليها والتي لم تستطع أن تقرأ ما تحتاجه البنى الاجتماعية من نتاجات مؤثرة”.

ويتابع “من ناحية أخرى فإن البرنامج الثقافي المصاحب عادة والمجاور لفعالية عرض الكتب والتعريف بها في معرض الكتاب لا أجد أن هذه البرامج الثقافية تفي بغرض عرض المعرفة كاملة لشمولية الأخيرة وتعدد مفاصلها”.

ويضيف لـ”العرب” قائلا إنه “في معرض العراق للكتاب أرى أنه استثناء في زمن الانعقاد وفي الأحداث العربية وفي زمن عدم وجود صراعات ثقافية كبرى تهز الفضاء الثقافي العربي الراكد، بالرغم من جهود مؤسسيه الذين هم من يسهم في صناعة الفكر ويناضلون من أجله، لهذا نأمل منه أن يأتي بجديد لافت يقود إلى استقطاب الناس وتوعية المجتمع”.

أما مدير دار صفصافة المصرية للنشر المشاركة في المعرض محمد البعلي فيقول إن “هذه هي المشاركة الثالثة لدار صفصافة في معرض العراق الدولي للكتاب الذي يقام سنويا في بغداد. ونلحظ تطورا في آليات المعرض سواء الدعاية أو التنظيم أوالديكورات، وهي عناصر هامة في جذب الشباب، كما نلحظ استقرارا لسعر العملة والمناخ السياسي العام في بغداد، ونظن ذلك سيؤثر ايجابيا على حضور المعرض”.

ويضيف “على صعيد تأثير الأحداث الإقليمية فإنها بالطبع حاضرة بقوة في أحاديث الناس اليومية حيث يتابعها الكثيرون باهتمام وببعض القلق أحيانا، وفيما عدا التضامن مع القضية الفلسطينية الحاضر بقوة في المعرض والتضامن مع لبنان (وهو الثيمة الرئيسية للمعرض بأكمله) فإن باقي الأحداث الإقليمية لا تظهر تقريبا في معرض العراق الدولي للكتاب، ونظن أن بقاء التفاعلات الإقليمية خارج العراق – حتى تلك التي تجري قرب الحدود العراقية – يجعل تأثيرها النفسي أقل على الجمهور العراقي”.

المصدر: صحيفة العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top