0%

نون عراقية عالمية: من أنخيدوانا إلى النساء اللواتي هزمن الزمن

عبود فؤاد
من أنخيدوانا إلى زها حديد، ومن نازك الملائكة إلى نادية مراد، ومن ابتسام العبدالله إلى سعاد العطار، تتواصل قصة العراق مع المرأة كرافد أساسي للثقافة والفن والإنسانية. هذه الرحلة التاريخية تُظهر أن المرأة العراقية لم تكن يومًا مجرد متلقٍ للتاريخ، بل صانعة للتاريخ، تترك بصمتها في كل حقبة زمنية ومجال إنساني.
قبل أكثر من 4 آلاف سنة، كانت أنخيدوانا، الكاهنة السومرية، أول من كتب الشعر باسمها، فخلدت تجربة الإنسان العراقي في كلمات، وجعلت من الكتابة وسيلة لتوثيق المشاعر الإنسانية، والقدرة على التعبير عن الذات. أنخيدوانا لم تكن مجرد شاعرة، بل كانت رمزًا لقوة المرأة في المجتمع القديم، حيث امتلكت صوتًا مسموعًا، وتأثيرًا في بلاد سومر، ما يجعلها أول مثال على قدرة المرأة العراقية على صنع إرث ثقافي خالد.
المرأة العراقية لم تقتصر على الكتابة، بل امتدت مساهمتها إلى العمارة والفن، حيث مثلت جسرًا بين التراث والحداثة. المعمارية زها حديد حملت اسم العراق إلى العالمية، وابتكرت تصاميم لا تُنسى في مدن عالمية، لتثبت أن إبداع المرأة العراقية قادر على إعادة تعريف المشهد العمراني على نطاق كوني.
الفنانة التشكيلية سعاد العطار نقلت التراث العراقي إلى المعارض العالمية، وعُرضت أعمالها في متاحف لندن وبغداد ومدن أوروبية أخرى، حاصدة جوائز دولية عدة منها البينالي الدولي في القاهرة 1984، وبينالي مالطا 1995. أعمالها تمزج بين الذاكرة والتراث والفن المعاصر، فتجسد قدرة المرأة العراقية على المنافسة على المستوى العالمي والتأثير في المشهد الفني الدولي.
المرأة العراقية المعاصرة واصلت هذا الإرث في الأدب، أنعام كجه جي، الروائية العراقية، كرست حياتها للأدب الروائي والصحافة، حيث تناولت في رواياتها موضوعات الحرب، الاغتراب، الهوية العراقية، والتراث الثقافي، وحققت حضورًا عالميًا بترجمة أعمالها إلى عدة لغات. حصدت كجه جي جوائز عديدة، من بينها الترشيح لقائمة International Prize for Arabic Fiction عن روايتيها «الحفيدة الأمريكية» و«طشاري»، إضافة إلى جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية 2025، ما يجعلها مثالًا على تأثير المرأة العراقية في الأدب العالمي.
الفنانة العراقية-الأمريكية وسمة خالد مزجت بين التراث العراقي والفن الإسلامي المعاصر. عُرضت أعمالها في معارض ومتاحف عالمية مثل لندن، أبوظبي، وفلورنسا. أعمالها في الخزف والخط الإسلامي جعلتها جسرًا بين التراث العراقي والفن العالمي، مؤكدة أن الهوية الثقافية العراقية يمكن أن تتحول إلى لغة عالمية مؤثرة.
معرض العراق الدولي للكتاب في دورته السادسة يحتفي بالرحلة الإنسانية للمرأة العراقية في كل المجالات، مؤكّدًا أن صوت المرأة العراقية قادر على عبور الزمان والمكان، ليظل حاضرًا في كل زاوية من الثقافة والفكر والفن والإنسانية العالمية.

Scroll to Top