0%

نساء العراق في قلب الحركة الثقافية.. من صحيفة “ليلى” إلى الرواية والشعر!

تبارك عبد المجيد
تستعيد المرأة العراقية عبر مسيرتها الثقافية والأدبية حضورًا أصيلًا ومؤثرًا، يظهر في الشعر والرواية والنقد، حيث استطاعت أن تخلق لنفسها مساحات واسعة للتعبير والإبداع، رغم القيود السياسية والاجتماعية التي شهدها العراق على امتداد العقود الماضية.
تصف الباحثة سارة كريم حضور المرأة العراقية في مسار الحركة الثقافية والأدبية بأنه “حضور أصيل ومؤثر، وأن هذا الحقل كان على امتداد العقود من المساحات التي استطاعت المرأة أن تعبر فيها عن ذاتها وتبرز قدراتها الإبداعية. الشعر والثقافة وفرتا للنساء فسحة أكبر مقارنة بمجالات أخرى خضعت بدرجة كبيرة لهيمنة النظام السياسي وتقلباته، الأمر الذي جعل الإبداع الأدبي أقل تقييدًا وأكثر قدرة على احتضان التجارب النسوية”. وتضيف: “الدور الشعري للمرأة يبرز بوضوح في مدرسة الشعر الحر التي نشأت وترسخت في العراق، رغم وجود محاولات أولية محدودة في أماكن أخرى. وتعد نازك الملائكة إحدى أهم رائدات هذا التيار، ليس على المستوى العراقي فقط بل العربي أيضًا، إلى جانب أسماء نسائية أسهمت في تطوير المشهد الشعري والنقدي مثل عاتكة الخزرجي ولمياء عباس عمارة. وقدمت هؤلاء الشاعرات أعمالًا توزعت بين الفصيح والعامي، وتركن حضورًا واضحًا في الشعر والنقد معًا”.
ولا يقتصر تأثير النساء العراقيات على الشعر وحده، بل يمتد إلى الرواية التي تعتبرها سارة أقدر الأجناس الأدبية على مناقشة القضايا الاجتماعية والجدلية. وتستشهد بأعمال روائية عراقية لإنعام كججي مثل “الحفيدة الأميركية” و”النبيذة” اللتين تتناولان موضوعات تمس الذاكرة العراقية والهوية والتاريخ. ففي الأولى تُطرح أسئلة الاحتلال والهجرة والهوية المتشابكة، فيما تستعيد الثانية مراحل سياسية واجتماعية تمتد من العهد الملكي وما تلاه، في سرد يزاوج بين التأريخ والتحليل الاجتماعي. وترى سارة أن هذه الأعمال النسوية شعرًا وروايةً ونقدًا، لم تكن مجرد محاولات إبداعية، بل شكلت مساحات للنقاش والتفكيك والتوثيق. فقد استطاعت العراقية أن تعكس التحولات العميقة، وتقدم رؤى جديدة حول قضاياها، وتسهم في تشكيل الوعي الثقافي المعاصر. على المستوى الاجتماعي، تقول إن “النساء لعبن أدوارًا مؤثرة، من مشاركتهن في وضع قانون الأحوال الشخصية خلال فترة حكم عبد الكريم قاسم، واستمرارًا للفترات اللاحقة للنظام السابق، إلى جانب مشاركتهن في قضايا الحجاب والعمل والتعليم. ومع مرور الوقت، اختلفت القضايا وتغيرت الأدوار بحسب التحولات السياسية والاجتماعية، لتظل المرأة حاضرة في الأحداث المفصلية، بما فيها انتفاضة تشرين”. وتلخص بالقول إن جذورًا من المشاركة تمتد إلى ما بعد الاحتلال العثماني، حيث ظهر أول نادٍ نسائي باسم “نادي النهضة”، وتأسست أول صحيفة نسائية باسم “ليلى”، ما شكل نقطة انطلاق للتعبير عن صوت المرأة والمطالبة بحقوقها ومكانتها في المجتمع العراقي.

Scroll to Top