
بغداد- المدى
عدسة: محمود رؤوف
مع إسدال الستار على فعاليات النسخة السادسة من معرض العراق الدولي للكتاب، برزت قائمة الكتب الأكثر مبيعاً بوصفها مؤشراً دالاً على ذائقة القارئ العراقي واهتماماته المعرفية المتنوعة، التي جمعت بين الفكر السياسي والفلسفة والرواية والأدب الشعري، في دورة اتسمت بزخم جماهيري وحضور لافت لدور النشر العربية والأجنبية.
في جناح دار النهار اللبنانية، تصدّر كتاب «البدو والإسلام – جذور التطرف» للكاتب عصام حافظ الزند قائمة المبيعات، ليحظى باهتمام واسع من القراء والباحثين. ويعود هذا الإقبال إلى طبيعة الكتاب التحليلية التي تسعى إلى تفكيك العلاقة بين ثقافة البداوة ونشوء الهوية الإسلامية، متتبعاً مسار التحولات من حياة القبائل العربية الأولى إلى تشكّل الدولة والمجتمع، ومن القيم الصحراوية إلى بناء هوية دينية جامعة.
أما دار الرافدين، فقد شهد جناحها إقبالاً كبيراً على عدد من العناوين التي جمعت بين الفكر النقدي والسرد الأدبي. وتصدّر كتاب «كيف يُدار العالم» للمفكر نعوم تشومسكي قائمة المبيعات، لما يقدمه من قراءة نقدية للسياسات الدولية وآليات السلطة والنفوذ. كما حظي كتاب «برميل سارتر» للكاتب علي حسين باهتمام لافت، لما يتميز به من أسلوب تأملي يقترب من الفلسفة بلغة يومية جذابة. وإلى جانب ذلك، برزت رواية «مدن الحليب والثلج» للكاتبة جليلة السيد، التي لاقت رواجاً بين القراء الباحثين عن السرد المعاصر ذي البعد الإنساني.
وفي جناح منشورات المتوسط الإيطالية، حققت مجموعة من الكتب مبيعات مرتفعة، كان في مقدمتها كتاب «الشكل الفيلمي» الذي استقطب المهتمين بالسينما والنقد البصري، إلى جانب الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر اللبناني أنسي الحاج، والتي واصلت حضورها القوي بين الأجيال الجديدة من القراء، مؤكدة أن الشعر ما زال يحتفظ بمكانته رغم التحولات الثقافية المتسارعة.
وسجّل جناح منشورات الجمل حضوراً مميزاً في قائمة الأكثر مبيعاً، حيث تصدّرت رواية «العمى» واجهة المبيعات، في مؤشر على استمرار اهتمام القارئ العراقي بالروايات التي تطرح أسئلة وجودية وأخلاقية عميقة، وتعتمد الرمزية في مقاربة الواقع الإنساني المعاصر.
أما منشورات الكتاب الجديد، فقد شهدت إقبالاً ملحوظاً على كتاب «العالم إرادة وفكرة» للفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، ما يعكس تنامي الاهتمام بالفلسفة الكلاسيكية والأسئلة الكبرى المتعلقة بالإرادة والمعنى والوجود، ويدل على حضور قارئ يبحث عن النصوص الفلسفية التأسيسية إلى جانب الأدب والفكر السياسي.
كما سجّلت دار سطور حضورًا لافتًا في قائمة الكتب الأكثر طلبًا خلال أيام المعرض، إذ حققت الأعمال الشعرية للشاعر موفق محمد مبيعات مرتفعة، عكست استمرار الإقبال على الشعر العراقي المعاصر، وحرص القرّاء على اقتناء التجارب الشعرية التي تمزج الحس الجمالي بالتجربة الإنسانية القريبة من الواقع.
وفي جناح منشورات تكوين السورية، نفدت أعمال الفيلسوف البريطاني برتراند راسل، في ظاهرة لافتة توضح ميلاً واضحاً لدى جمهور المعرض نحو الفكر العقلاني والنقدي، واهتماماً بالكتابات التي تمزج بين الفلسفة والعلم وقضايا الإنسان المعاصر.
وتكشف هذه العناوين مجتمعة عن مشهد قرائي متنوع في معرض العراق الدولي للكتاب، حيث لم تنحصر اهتمامات الجمهور في جنس واحد، بل توزعت بين السياسة والفلسفة والرواية والشعر والدراسات الفكرية.
