0%

من الشعر والرواية إلى الكرافيك.. حفلات التواقيع تضيء فعاليات اليوم الثالث للمعرض

عبود فؤاد
عدسة: محمود رؤوف
يواصل معرض العراق الدولي للكتاب في يومه الثالث نبضه الثقافي المتدفق، ومع ازدحام الأجنحة وامتلاء الممرات بالزوار والقراء، برزت حفلات توقيع الكتب كواحدة من أكثر الفعاليات حضورًا وتفاعلاً. لم تكن التواقيع مجرد حدث عابر داخل المعرض، وإنما مساحة التقاء بين الكاتب والقارئ، بين الورق والعيون التي تنتظره، وبين الكتاب في شكله المطبوع وصوته الحي الذي يتجسد حين يوقع صاحبه على الصفحة الأولى منه.
في هذا اليوم، احتضنت قاعات دور النشر سلسلة من حفلات التوقيع التي عكست تنوع المشهد الأدبي والفكري العراقي، حيث اجتمع الشعر مع النقد، والفكر مع الفن البصري، لتقدم للزائرين تجربة قراءة تمتد خارج صفحات الكتب نفسها.
أولى الفعاليات كانت توقيع كتاب “نوائح سومر” لعبد الستار البيضاني، الصادر عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب. الكتاب الذي أثار فضول الكثيرين لما يحمله من نبرة مغايرة ورائحة تاريخ عراقي غائر في العمق الوجداني. يقارب البيضاني في عمله همومًا إنسانية وأنينًا حضاريًا مشبعًا بالرموز السومرية التي تعود لتتنفس مجددًا فوق الورق.
وفي زاوية أخرى من المعرض، توقفت أعين الباحثين عن الشعر أمام توقيع “رجل مائل للغروب” مختارات شعرية لعلي الشلاه. الكتاب يمثل تجربة لغوية ومشهدية، يلتقط فيها الشلاه لحظات إنسانية تتأرجح بين الانطفاء والاشتغال بالحياة. جمهور التوقيع كان موزعًا بين قرّاء مخضرمين وشباب يلتقطون النسخة الأولى التي ستحمل إهداءه بخط يده.
أما في مجال الفنون البصرية، فقد جذب كتاب “البعد الرابع في التصميم الكرافيكي” لفلاح الخطاط اهتمام طلاب التصميم والفن تحديدًا، والصادر عن دار أهوار. الكتاب قدم مقاربات جديدة في عالم الجرافيك، تتناول المفهوم كمساحة تتسع للزمن والحركة والخيال، وليس مجرد سطح بصري ساكن. توقيع الخطاط شهد حضورًا غير قليل من طلبة معاهد الفنون الذين وقفوا طويلاً في حوار حول التجربة، وكيف يمكن للبعد الرابع أن يتحول إلى ممارسة فنية جديدة.
وفي جناح آخر، وقف علي وجيه حاملاً كتابه الجديد “الفوات” الصادر عن دار خطوط وظلال، حيث اصطف القراء في انتظار لحظة الحصول على توقيعه. كتاب وجيه — كما يرى محبوه — رحلة نصية مشبعة بالأسئلة والوقوف على تخوم اللغة والذات، وقد بدا واضحًا أن جمهوره يعرفه جيدًا.
وعلى نفس الطاولة، وبتوقيت مختلف، كانت الشاعرة إحسان المدني تستعد لتوقيع عملها “من جاء باللغة إلى”، الصادر أيضًا عن دار خطوط وظلال. كتابها يحمل عناوين تساؤلية حاضرة في كل صفحة، ويميل إلى الشعر بوصفه كشفًا لغويًا وتجربة وجودية. الوقوف عند مدني بدا مختلفًا، فالقارئات كُنَّ أكثر حضورًا، يسألنها عن المفردة، وعن اللغة التي أتت بها وإلى أين تقود.

Scroll to Top