أكدت د. غادة العاملي، مدير عام مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، أن المؤسسة تسعى إلى الدوام لاستنهاض الثقافة وادوات المعرفة، مشيرة الى ان معارض الكتب التي تنظمها (المدى) تهدف إلى خلق تفاعل مباشر بين الجمهور وبين صانعي القيم الابداعية والثقافية.
وفي ما يلي نص الحوار، الذي أجراه كادر ملحق (معرض الكتاب الدولي للكتاب) مع الدكتورة غادة العاملي:
د. غادة العاملي:
اود الإشارة، قبل ان أرد على الاسئلة، الى انني اعود في اجاباتي الى ما كرسه في كتاباته وتوجهاته رئيس المؤسسة الاستاذ فخري كريم، منذ انطلاق نشاطها ليس في بغداد، بل وقبل ذلك.
ولهذا اريد ان اعتمد الصراحة، واشير الى ان ما اطرحه من رؤية، هو ما يشبه استعادة ما كتبه وارساه بصيغ مختلفة كلما كان ذلك ضرورياً:
تعتبر المدى معارض الكتب جزءا من هويتها المؤسساتية.. لماذا؟
– المدى منذ لحظة ولادة نواتاتها في نهايات الخمسينيات من القرن الماضي بما حملته من اسماء كانت حاملاً لهمٍ ثقافي يستند الى كل الادوات التي من شأنها تحويل القراءة الى عادة تعكس شغفاً لكل تنويعاتها ابداعياً مجسدة خلال العقود الاولى، قبل تعمق ابعادها، بالكتاب والقراءة. وكانت معارض الكتاب في تلك السنوات مهرجانات تحتفي بالثقافة والمبدعين وتلم حولها جمهرة القراء الذين يجدون فيها وجهاً لوجه ابرز ممثلي الثقافة والمقامات الابداعية الذين يضيئون لهم ابرز ما انتجته اقلام وعقول الكتاب والمفكرين. لكنها كانت ايضاً سوقاً تعرض اخر اصدارات المطابع العربية ثم الاجنبية لتتطور مع التقادم لتنتظم فيها على امتداد ايامها المحاضرات الثقافية والفكرية والندوات والقراءات الشعرية وتغتني بعدها باحتفالات توقيع الكتب من قبل مؤلفيها. والمعارض في جانب آخر منها كانت فرصة للقاء والتعارف بين الجمهور وكتّابهم المفضلين.
المدى في مرحلة اعادة تأسيسها في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، شعرت بمسؤوليتها في البحث عن صيغ أكثر فعالية لتنشيط الحركة الثقافية والفكرية والفنية. وابتكار صيغ قادرة على تحقيق هذا الهدف، وهو ما يعيد للمعارض تقاليدها في ان تكون مهرجاناً ثقافياً يغتني سنة بعد اخرى، سواء بالجديد من الاصدارات والمبتكر من الفعاليات والنشاطات التي تعمق اواصر العلاقة بين النتاج الابداعي وحواملها وميادينها المتعددة وبين جمهور القراء، بعد ظهور ما يوحي بتراجع مكانة الكتاب، بل والثقافة بين الشباب، وسيادة مظاهر التسطيح “الثقافي”!
ومن هذا المنطلق، ابتكرت المدى فكرة اسابيع المدى الثقافية، والكتاب المجاني مع جريدة، وبيت المدى للثقافة، ونادي القراءة. وفي هذا السياق اقدمت على توسيع المعارض لتعود ثانية بعد انقطاع الى بغداد، وجربت معرضاً في البصرة..
للأسف، ان المعارض اصبحت النافذة الابرز لتأمين الكتاب بيسر للقراء، متجاوزة الحدود الدولية للبلدان العربية، وما يرتبط بها من تصاريح وجمارك واجراءات بيروقراطية تحول دون انسيابية تنقل الكتاب من بلد الى آخر.
ما هو نموذج معارض الكتب الذي تسعى المدى إلى تقديمه؟
– ليس ثمة نموذج بعينه تفكر المدى باعتباره ما ينبغي ان تكون عليه معارض المستقبل. يكفي ان نبحث معاً عن كل ما يستنهض الثقافة ويرتقي بأدواتها ويجعل منها محرضاً على جعل القراءة، شغفاً يستقدم فرحاً بالاكتشاف والانبهار والتوق الى التجديد، تجديد الحياة وجعلها أقرب الى تطلعنا كبشر..
ما ينبغي ان تكون عليه المعارض في المستقبل، هو توأم لما يتحقق فيه من تطور على وسائل المعرفة وادوات الثقافة، وفضاءات الجمال، التي يتيحها التطور التقني، وتدفقات المعارف، ووسائل التواصل والتفاعل الإنساني.
برأيك.. ما هو أبرز نجاح حققه معرض العراق الدولي للكتاب بنسختيه الأولى والثانية؟
– ليس المهم ما تحقق، بل ما إذا كان قد استطاع التعبير عن تطلع الجمهور في العثور على ما يغني ويعمق ادراكه بانه من خلال المعرض يصبح أكثر قرباً وتماساً بما يتحرك في الفضاء الانساني.
وهذا التطلع لا يقتصر على ما يعرض من اصدارات جديدة تغطي كل ميادين المعرفة والثقافة، بل الى جانب ذلك، ما يخلق تفاعلاً مباشراً مع خالقي القيم الابداعية والثقافية وما تتجسد فيها من جمالية وحضور انساني. وهذا تطلع لا ينقطع او يتكامل الا بالتواصل من عام الى آخر أكثر ارتقاءً