
متابعة المدى
عدسة: محمود رؤوف
في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية وتتشابك فيه اللغات مع تفاصيل الحياة اليومية، باتت اللغة الإنجليزية في العراق ضرورة لا يمكن تجاهلها. عن هذا التحوّل، وعن طرق تعليم الإنجليزية بأساليب تفاعلية حديثة، كان لنا هذا الحوار مع مدرّبة اللغة الإنجليزية مينا علي، خلال مشاركتها في معرض العراق الدولي للكتاب
- بدايةً، كيف تقدّمين فكرة دمج اللغة الإنجليزية مع نشاطات مختلفة للشباب؟
تقول مينا:
“نحن لا نتعامل مع الإنجليزية باعتبارها مادة تُدرَّس، بل نحاول جعلها لغة حيّة داخل أنشطة يحبّها الشباب. كل شهر لدينا أجندة مختلفة ندمج فيها اللغة مع الدراما، والقراءة، والنقاش، وحتى الألعاب الجماعية. الفكرة أن يمارس الطالب اللغة، لا أن يسمعها فقط. نعطيهم مساحة ليقودوا النشاط بأنفسهم، ونبني منهجهم حسب مستواهم واحتياجهم، وليس بالعكس.” - شاركتم مؤخراً في فعاليات عامة… كيف كانت التجربة؟
تصف مينا المشاركة الأولى في معرض العراق الدواي للكتاب بأنها “خطوة ناجحة”:
“كانت مشاركتنا مفتوحة للجمهور، وتعلّمنا الكثير منها. سبق أن شاركنا في مهرجانات أخرى، لكني أقدّر بشكل خاص سهولة التعاون هذه المرة: كل شيء واضح، كل خطوة مكتوبة عبر الإيميل. بالنسبة لنا كفريق، هذا مهم جداً.” - هناك حديث عن ارتفاع إقبال العراقيين على تعلم الإنجليزية مؤخراً، كيف تفسّرين ذلك؟
تؤكد مينا أن المشهد تغيّر تماماً:
“قبل سنوات كانت الإنجليزية تُعتبر نوعاً من الرفاهية… شيء إضافي. اليوم لا أحد يستطيع أن يتقدم في حياته المهنية أو الأكاديمية بدون لغة. أصبح العراقي يشعر أن تعلم الإنجليزية ليس خياراً، بل ضرورة. قدرة الناس على قراءة رواية أو متابعة فيلم بالإنجليزية تغيّرت، والأهم أن وعيهم بأهمية الممارسة ازداد.”
لننتقل إلى القراءة… كيف تُسهم نوادي القراءة الإنجليزية في تطوير مهارات المتعلمين؟
توضح مينا:
“القراءة وحدها ليست كافية، لكنها تغيّر الكثير. نحن نعمل على نادي قراءة للكتب العربية والإنجليزية، وننتقي مواد بسيطة وقابلة للنقاش. نركز على بناء الثقة أولاً: كل قراءة تفتح باباً لحوار، ولنشاط، ولتوقعات حول الكتاب التالي. بالتدريج يبدأ الطالب يربط القراءة بالممارسة… لا مجرد تلقي.”
كمدرّبة تعملين أيضاً مع مدرّسي المدارس، كيف تقيمين المناهج الحالية؟
تقول:
“المناهج جديدة… وهي جيدة نسبياً من حيث المحتوى اللغوي. المشكلة ليست في الكتب، بل في ضيق المساحة المخصّصة لممارسة اللغة داخل الصف. الطالب يسمع ويستقبل، لكنه لا يتحدث. أي لغة بلا ممارسة هي لغة تختفي بسرعة. لهذا نحاول مع المدرّسين إيجاد بدائل: مختبر لغوي، جلسات محادثة، دروس صيفية… أي مساحة تجعل الطالب يستخدم الإنجليزية بلا خوف.” - هناك انتقادات من بعض الأهالي حول التركيز المفرط على الإنجليزية على حساب العربية… ما تعليقك؟
تردّ مينا بوضوح:
“تعليم الطفل لغة ثانية أمر ممتاز، ولكنه لا يجب أن يسبق تمكينه من لغته الأم. المشكلة حين يدخل الطفل المدرسة وهو لا يمتلك أساساً عربياً جيداً. يجب أن يعتز بلغته أولاً، ثم نضيف الإنجليزية بطريقة تدريجية. اللغة الإنجليزية ليست بديلاً للعربية… بل إضافة مهمّة لها.” - من هم الأكثر قدرة على استيعاب اللغة الإنجليزية… الأطفال أم الكبار؟
“إذا تحدثنا عن النتائج والانضباط، فالكبار هم الأكثر التزاماً. الطالب البالغ يعرف لماذا يحتاج اللغة، ويعرف قيمتها في العمل والحياة. الأطفال والمراهقون يتعلمون عادة بدافع الأهل، في حين يأتي الشاب أو الموظف بدافع شخصي حقيقي. ولهذا نلاحظ أن تقدّمهم أسرع.”
“اللغة ليست قواعد ودفاتر… اللغة ممارسة وحضور يومي. من يريد أن يتقن الإنجليزية عليه أن يخطئ كثيراً، ويجرّب كثيراً، ويتكلم أكثر مما يدرس. العراق اليوم يتغيّر، والإنجليزية جزء من هذا التغيير.”
