0%

ماذا لو جعلنا الكتاب أغنية؟ ..الشباب يحولون كتبهم المفضلة إلى أغاني!

تبارك عبد المجيد

في أروقة معرض العراق الدولي للكتاب، وبين رفوف الكتب التي تزخر بالأفكار والإبداعات، لفتتنا أحاديث متفرقة مع مجموعة من الشباب الذين يمتلكون رؤية خاصة: تحويل كتبهم المفضلة إلى أغنيات تنبض بالمشاعر والمعاني. خلال تجوالنا بين أروقة المعرض، توقفنا للحديث مع بعضهم، واكتشفنا كيف تحمل هذه الأفكار الأدبية والمقولات العميقة إلهامًا يمكن أن يتجسد في موسيقى تتجاوز حدود الكلمات.

الفضيلة” كما يراها مصطفى حسن

بين الحاضرين، لفتنا مصطفى حسن، الذي تحدث بحماس عن كتاب أثّر فيه بشدة: “الفضيلة” للكاتب والأديب مصطفى لطفي المنفلوطي. يقول مصطفى: “المنفلوطي يتناول في أحد مقالاته فكرة عميقة عن العدالة والفضيلة، ويشير إلى أن الفضيلة غائبة عن مجالس القضاء، حيث تصبح الحقوق ميولًا لا يأبه لها أصحاب القرار. عندما تسألهم عن السبب، يكون الجواب دائمًا: هذا حكم القضاء. وكأنهم يريدون أن يجعلوا العقل أسير القانون، في حين أن القانون يجب أن يكون خاضعًا للعقل والمنطق.”

أراد مصطفى تحويل هذه الفكرة التي نقلها لنا وفق كلمات الكاتب، إلى أغنية تحمل رسائل نقدية تحث الناس على التفكير بشكل أعمق حول دور العدالة والعقل. وبينما كان يتحدث إلينا، بدأ يتغنى بالنص الذي ألقاه، كأنه يحاول أن يحييه بصوت الموسيقى، مستخدمًا نبرات صوته لإبراز عمق المعاني، مما جعلنا نشعر وكأن الكلمات نفسها قد بدأت تأخذ هيئة لحن ينبض بالفكر والإحساس.

الجحيم هم الآخرون” كما يراها علي عبد المحسن

على مقربة من مصطفى، وقف التدريسي علي عبد المحسن، الذي تحدث بحماس عن مقولة شهيرة للفيلسوف والكاتب جان بول سارتر: “الجحيم هم الآخرون”. يقول علي:

“هذه المقولة، التي وردت في ختام إحدى مسرحيات سارتر، تمثل واقعًا مريرًا أعيشه وأعتقد أن كثيرين يشاركونني هذا الشعور. المسرحية تدور حول شخصيات عالقة في غرفة مغلقة، حيث الجحيم ليس مكانًا مليئًا بالنيران، بل هو الآخرون الذين يُجبرون على مواجهة كل ما يكرهونه في أنفسهم من خلال وجودهم معًا إلى الأبد.”

يتحدث علي عن شعوره بالغربة داخل مجتمعه، حيث يجد نفسه محاطًا بأفكار دينية واجتماعية لا تتناسب مع رؤيته وأفكاره. يعبر عن أمنيته في أن تتحول هذه المقولة إلى أغنية تعكس مأساة الاغتراب والضياع، أغنية تتحدث عن أولئك الذين يشعرون بأنهم لا ينتمون، رغم أنهم يعيشون بين أهلهم وأصدقائهم.

حنين وكتاب “لأنني أحبك

بين ممرات المعرض، كانت حنين، إحدى الزائرات، تقرأ كتابًا باهتمام بالغ. عندما سألناها عن الكتاب الذي تود أن يتحول إلى أغنية، أجابت بحماس:

“أحب كتاب “لأنني أحبك”، فهو يحكي قصة حب مؤثرة بين شخصين جمعتهما المشاعر وفرقت بينهما الظروف. السبب وراء افتراقهما كان فقدان طفلتهما، وهو ما غيّر حياتهما بالكامل. الرجل اختفى ليعيش في الشوارع، بينما استمرت المرأة في حياتها. لكن في نهاية القصة، يلتقيان من جديد، والطفلة تجمع بينهما مرة أخرى.”

أوضحت حنين أنها تتمنى أن تتحول هذه القصة إلى أغنية رومانسية تحمل في طياتها مزيجًا من الألم والأمل، تجسد فكرة أن الحب الحقيقي يمكنه أن يتغلب على أصعب الظروف. في تلك الزاوية من المعرض، لم تكن الفكرة مجرد حديث، بل كانت دعوة للإبداع. كانت أصوات هؤلاء الشباب تمثل طموحًا نحو تحويل الأدب إلى موسيقى، مزج الكلمة بالحس، وتحويل المعاني العميقة إلى أغنيات تصل إلى القلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top