0%

كيف توثق الكتب الحديثة الحكايات الشعبية والتراث؟

تبارك عبد المجيد

تمثل الحكايات الشعبية والتراث الثقافي أحد أهم المكونات الأساسية لهوية المجتمعات، إذ تعكس قيمها، معتقداتها، وتاريخها المشترك. ومع تطور العصر الحديث، أصبح للكتب دور رئيسي في توثيق هذا التراث والحفاظ عليه للأجيال القادمة. نستعرض في هذا التقرير دور الكتب الحديثة في توثيق الحكايات الشعبية والتراث الثقافي، مع تسليط الضوء على آراء ثلاثة مختصين في هذا المجال.

يرى الباحث في التاريح، محسن علي أن الكتب الحديثة تُعد الوسيلة المثلى لتوثيق الحكايات الشعبية والتراث، لأنها توفر إطارًا منهجيًا للحفاظ على هذه القصص ونقلها بدقة. ويوضح السالمي أن العديد من المؤلفين والباحثين يلجؤون إلى جمع الحكايات الشعبية من كبار السن والرواة المحليين، ثم يعيدون كتابتها بأسلوب أدبي أو بحثي.

ويضيف محسن: “الكتب الحديثة لا تقتصر على السرد فقط، بل تقدم تحليلات اجتماعية وثقافية للحكايات الشعبية، مما يتيح فهمًا أعمق للبيئة الثقافية التي نشأت فيها”.

يشير محسن أيضًا إلى أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت حافزًا لدعم هذا النوع من التوثيق، إذ توفر للباحثين أدوات للتسجيل الصوتي والمرئي، مما يساعد على جمع المادة الخام بدقة، ليتم تقديمها لاحقًا عبر الكتب بصورة شاملة.

 الجمع بين الأصالة والتجديد

يتحدث الباحث في شأن الاثار والتراث، حميد الشمري، عن التحديات التي تواجهها عملية توثيق الحكايات الشعبية، مؤكدة أن الحفاظ على أصالة النصوص مع تقديمها بأسلوب يجذب القارئ الحديث يُعد توازنًا صعبًا. ويقول ان “الكثير من الكُتاب يواجهون معضلة تحديث اللغة والأسلوب دون تشويه المضمون الأصلي للحكايات. لكن بفضل التطور في الأساليب الأدبية، أصبح بالإمكان تقديم التراث بأسلوب يُرضي جمهور اليوم مع الحفاظ على جوهر القصة”.

كما يشير إلى أن بعض المؤلفين يدمجون بين الحكايات الشعبية والتراث المرئي مثل الرسومات والزخارف التراثية، مما يجعل الكتب بمثابة سجل متكامل للثقافة الشعبية. وتُبرز أهمية ترجمة الحكايات الشعبية إلى لغات أجنبية لتعريف العالم بتراث المنطقة، مشيرة إلى أن ذلك يساهم في تعزيز الفخر الثقافي.

من جهتها، ترى وجدان عباس تعمل في دار للنشر والتوزيع، أن الكتب الحديثة تلعب دورًا محوريًا في مد جسور التواصل بين الأجيال من خلال التراث. وتشير إلى أن الكثير من الشباب في العصر الحالي يبتعدون عن التراث بسبب سيطرة التكنولوجيا، ولكن الكتب يمكن أن تعيد هذا التراث إلى الواجهة من خلال تقديمه بأسلوب مبتكر.

        تقول ان “دمج التراث الشعبي في كتب للأطفال أو روايات معاصرة يُعد وسيلة فعالة لجذب الشباب للاطلاع على تراث أجدادهم. كما أن استخدام الصور والتقنيات الحديثة في تصميم الكتب يعزز من تفاعل القارئ مع النصوص التراثية”.

تؤكد وجدان أن المؤسسات الثقافية ودور النشر عليها مسؤولية كبيرة لدعم الكُتاب المتخصصين في هذا المجال، سواء من خلال توفير التمويل أو تسهيل الوصول إلى مصادر المعلومات.

استعرضت وجدان مجموعة من الكتب التي قالت انها وثقت حكايات شعبية، مثل “حكايات شعبية من فلسطين” لنجوى قعوار، وكتاب “الواحات المفقودة” “ألف ليلة وليلة”، وكتاب حكايات شعبية من العراق للكاتب جليل القيسي. توثق الكتب الحديثة الحكايات الشعبية والتراث بأسلوب يجمع بين الحفاظ على الأصالة والابتكار في التقديم. فمن خلال جهود المؤلفين والمؤرخين ودور النشر، تُقدم هذه الكتب صورة حية عن التراث الثقافي، مما يساهم في استدامته وتعريف الأجيال القادمة به. ومع استمرار التطور التكنولوجي، يبقى على الكُتاب إيجاد طرق جديدة لجعل الحكايات الشعبية أكثر قربًا من روح العصر، مع الحفاظ على هويتها التاريخية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top