حارث رسمي الهيتي
تصوير : محمود رؤوف
لاستعادة الشخصيات الروائية المذهلة التي صنعها غائب طعمة فرمان في رواياته المتعددة، كان لا بد من ان تحتضن قاعة الندوات على ارض معرض بغداد ندوة تتحدث عن غائب والدراما.
الندوة التي اقيمت بالتشارك مع الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق وادارها د.عبد الرحمن التميمي وشارك فيها ياسين النصير ود.سافرة ناجي ود.علاء كريم تناولت أهمية الرواية وتحولاتها المسرحية المعروفة لدينا، وغائب طعمة فرمان يعد من الروائيين المحدثين الذين شكلوا نقلة نوعية غادرت المحلية الى العربية.
الناقد ياسين النصير الذي تحدث عن غائب طعمة فرمان درامياً باعتبار روائياً مجدداً وتعتبر اعماله التسعة التي قدمها هي بمثابة نماذج فنية متقدمة للرواية العراقية، سنتكلم اليوم عنه باعتباره درامياً باعتبار ان النصير قدم مسرحية القربان للمسرح الحديث عام 1975، في عموم اعمال غائب يوجد المبدأ الحواري لأنه في كل من اعماله توجد خمس شخصيات رئيسة، وهذه الشخصيات الخمس يجري بينها حوار يمثل عملياً تعددية الآراء في المجتمع العراقي، فرمان تحدث مبكراً عن تعددية الاصوات والآراء، ثيمة تعددية الاصوات هي ثيمة باختين في الاتحاد السوفيتي وهو تأثر بها. المبدأ الحواري هو المبدأ السردي عند فرمان. وليس مبدأ دراميا فقط.
السرد الفني عند فرمان مبني على الحوار، هؤلاء الخمسة من مختلف طبقات المجتمع العراقي وفئاته ليسوا بهوية واحدة ولا باتجاه فكري واحد وانما كانت هناك تعددية اجتماعية وهذه الطبيعة تعكس المجتمع العراقي المتعدد من حيث اديانه وقومياته وثقافاته ومدنه.
ويضيف النصير ان “ميزة غائب انه يكتب احياناً بالعامية كما يبدو الا ان عاميته فصحى، وهي فصحى مبسطة وتصل الى مستوى الجمهور المتلقي فسردية غائب كانت تحيط بالموضوع من كل جوانبه، اذ توجد فيها المسحة التاريخية والاجتماعية، بمعنى انه لم يقدم شخصيات فارغة بل شخصيات ممتلئة باحساسها ومواقفها وعواطفها”.
د.سافرة ناجي استاذة النقد الادبي في جامعة بغداد، تتحدث عن الشخصيات المهمشة في روايات واعمال غائب طعمة فرمان، ورقتها التي حملت عنوان بنية الشخصيات المهمشة في رواية النخلة والجيران التي اسمتها سافرة ناجي برواية النبوءة في الرواية والمسرح. وفرمان حسب سافرة يخلق ما يسمى الآن في المسرح الحديث الاماكن المكتشفة والشخصيات المكتشفة، فعندما يضيف ملامح لها مثل الخبازة والعربنجي والبايسكلجي الا اننا مع فرمان نكتشف في اللاوعي اننا نكتشف الخام وراء هذه الشخصيات. لذلك انا اسمي النخلة والجيران هي النبوءة على مستوى النقد هي صراع الهامش والمركز حيث ان كتابة الرواية عند فرمان تحولت الى قراءة مسرحية قدمت على المسرح. هو يكتب الرواية بتقنية انها ليست ذاهبة الى السرد وانما تذهب وتقترب من الدراما. الحوار بين الشخصيات في اعماله جعلها طيعة واقرب الى المسرح منها الى الرواية.
واضافت استاذة النقد الادبي ان “فرمان دائماً ما يذهب الى خلق الشخصيات المكتشفة، وهذه الشخصيات هي الشخصيات المهمشة في المجتمع، وهو يريد ان يقول بهذه الشخصيات عن حلمها بأن تقود هذا المستقبل وهو قدم نبوءة ان الهامش سيحرك المركز على اعتبار ان ثورة 1958 ثورة فجرتها الطبقات التي تقع في قاع المجتمع. وهي فئات غير منظورة في المجتمعات الطبقية على اعتبار ان هذه الطبقات هي من شربت كأس الظلم والاضطهاد”.
الدكتور علاء كريم الذي قدم ورقة عن واقعية النخلة والجيران، كون هذه الرواية ترتبط بذهنية وذاكرة العراقيين بشكل مباشر وعميق. لانها ترتبط باحلام وتطلعات العراقيين، اذ قال ان “فرمان تأثر بالواقعية السوفيتية نتيجة عيشه في روسيا لفترة زمنية طويلة لذا حاول ان يجسد كثيرا من الافعال في متن رواياته، الجانب الحكائي للرواية نجد ان اللهجة التي تعامل فيها الكاتب لهجة تلامس خصوصية المواطن العراقي وتحاكي تصوراته النفسية مما أثر على المتلقي وأثر على نفسيته ايضاً في هذه الرواية.
واضاف كريم، “في تلك الفترة كان هناك الكثير من الروائين لكن فرمان وبالأخص هذه الرواية النخلة والجيران علقت في الذاكرة لانها تضمنت الكثير من الدراما الحقيقية التي تحاكي الفرد او المجتمع العراقي.