زين يوسف
بالعودة الى الندوات الثقافية استضافت قاعة الندوات في معرض العراق الدولي للكتاب ندوة بعنوان “الاشارات الثقافية في الكتابة الإبداعية.. الادب الساخر انموذجاً”، تحدث فيها الروائي علي بدر ود. مي أبو جلود ود. مهى فاروق وادارت الندوة الاديبة غرام الربيعي.
عن الادب الساخر كونه وسيلة لنقد الواقع السياسي والاجتماعي تحدث بدر في بداية الندوة قائلا ان “الادب الساخر بالتأكيد لديه وظيفة سياسية وهي تهديم تجهم السلطة والسلطة في الغالب متجهمة وجدية والادب الساخر يدمر هذه الجدية عن طريق المفارقة بالتالي أولى الاعمال الأدبية الساخرة كانت لها أغراض سياسية، وبتقدير الادب الساخر ليس جنس ادبي فقط وانما هو الية ديناميكية لنقد الواقع ونقد العالم السياسي بشكل كلي وهذا الامر ظهر لدينا في بدايات الرواية وكان الهدف الأساسي ليس فقط نقد الواقع الاجتماعي اثناء التحولات من مجتمعات ارستقراطية الى مجتمعات برجوازية”.
وأضاف بأن “الرواية في نشأتها خصوصا في اعتمادها على السخرية أدت وظيفة نقدية للعالم السياسي وللعالم الواقعي الاجتماعي وكانت فعالة، واستمرت هذه الوظيفة حتى عندما وصلنا الى ما يطلق عليه “بالحرب الباردة”، واعتقد ان من استخدمها استخدام كامل هو “ميلان كونديرا”، عندما قام بابتداع التقنيات الساخرة وهي قائمة على فكرة المفارقة وعلى المبالغة”.
أبو جلود من جانبها تحدثت عن مفهوم الإشارات الثقافية الساخرة حيث بينت ان “الإشارات الثقافية عنصر مهم في الكتابة الساخرة لانها من العناصر الفنية المهمة في هذا الجنس الادبي المهم وباقي الأنماط والاجناس الأدبية، والاشارات الثقافية كما نعرفها فهي عبارة عن عناصر مجتمعية بيئية تخص افرادا وجماعات وتخص عناصر سياسية وفنية ويمكن ان تكون متحددة بفترة زمنية تخص جيل دون اخر”.
وأضافت ان “من المهم جدا للكاتب الساخر وهو يعرض هذا الموضوع هناك نقطة أساسية يجب التركيز عليها وهي ان الكتابة الساخرة تختلف عن اشكال الكوميدية فهنالك خلط يحدث دائما بين الكتابة الساخرة والكوميديا والهجاء أيضا، فالكاتب الساخر يجب ان تكون لديه وجهة نظر واضحة جدا حتى في ابسط المواضيع حتى لو كان يعلق على برنامج تلفزيوني او ازمة معينة لان الفارق بين الكتاب الساخرة وباقي الاجناس الأدبية وباقي الاشكال الأدبية المقاربة له ككوميديا وهجاء هو كالفارق بين الكوميديا الهادفة والكوميديا لغرض التسلية”.
مهى فاروق أيضا تحدثت عن مفهوم السخرية ووظيفتها من وجهة نظر الباحثين والنقاد قائلة ان “هناك لبس واضح في مفهوم السخرية لدينا نحن العرب بالذات، فعندما نقول ان هذا ادب ساخر يذهب الذهن دائما الى المعنى السلبي للسخرية وينظر اليه بأنه استهزاء او استنقاص أبو ابتذال او تقليل من شأن او محاولة تعرية لشخص او مفهوم وهذا غير صحيح، فعندما نبحث عن الأسباب التي تؤدي بنا الى السخرية كعرب وكشرقيين في العموم نحن لا نؤمن بفكرة ان الانسان لديه روح دعابة”.
وأكدت ان “السخرية ومعناها في المعاجم النقدية هي ليست هجاء وليست ابتذال وليست فكاهة فجة وليست انتقاص او محاولة تسفيه للاخر، ولا اعرف لماذا نفهمها بهذه الطريقة في حين ان نقادنا العرب القدامى فهموها بمعناها الصحيح ولو عدنا الى الجاحظ في كتابه البخلاء يقول انه سيورد نصوصا للقارئ ان يفهم منها معنى ولك ان تبتسم او تضحك عليها بالتالي هي ذات هدفين وهنا نرى الجاحظ قبل عدة قرون كان يفهم ان مفهوم السخرية ليس ما نراه اليوم كقضية تجريح او انتقاص او تنمر”.