0%

فرقة أهل الكصب… فنانون يصنعون آلاتهم الموسيقية من الطين

بغداد- المدى
عدسة: محمود رؤوف
يشارك عدد من خريجي معهد الفنون الجميلة في معرض العراق الدولي للكتاب عبر تجربة فنية فريدة، حيث يرسمون ويصنعون آلات موسيقية سومرية من الطين بأيديهم، في إعادة إحياء لصناعة قديمة بروح معاصرة. ومنذ اليوم الأول للمعرض، يتواجدون أمام الجمهور يرسمون لوحات مباشرة ويعرضونها للبيع، ليقدموا تجربة فنية حيّة تجذب الزائرين.
بتول جاسم، خريجة الفنون الجميلة، تقول :»أرسم اللوحات التي أحبها وتعبر عني مباشرة، وأعرضها للبيع هنا. أحب رسم الأشخاص وأميل إلى الألوان الصارخة والحارة والغامقة، سواء في التخطيط أو الألوان الزيتية. ما يُرسم بحب يصل للناس، وزوار المعرض بطبيعتهم محبون للفن، لذلك يقتنون اللوحات التي تلامس مشاعرهم.»
وتتواجد بتول يوميًا من 12 ظهرًا حتى 9:30 ليلًا في الجناح A18.
أما علي ومُحب فيقولان: «نحن فرقة أهل الكصب من بغداد. سمّينا فرقتنا هكذا عام 2020، عندما كنا نبحث عن (الكصب) من أماكن بعيدة لصناعة النايات وبناء المضيف. خلال فترة الجائحة، كانت السيطرات تمنع الناس من المرور، أما نحن فيُسمح لنا بالعبور لأننا نحمل الكصب، فأصبحوا ينادوننا (أهل الكصب)، وهكذا صار الاسم جزءًا منّا.»
ويتابعان حديثهما حول مشاركتهما: «حضرنا إلى معرض العراق الدولي للكتاب لأن الفن يحرك الإنسان ويغيّر وعيه. لدينا مجموعة من الأغاني التي كتبناها وتحمل رسائل متعددة. نؤمن بأن الإنسان يمكن أن يُعالج بالفن، ويمكن للفن أن ينهض بشعب كامل. نحن نبث طاقة قد تسعد من يسمعنا أو تحزنه، لأن ما نشعر به يصل بالضرورة إلى المتلقي.»
ثم يتحدّث علي مطولًا عن روحانية الموسيقى والمقامات:
«نحن أصلنا (سادة) وملتزمون بصلاتنا، لكننا أيضًا نصلّي بالموسيقى وليس فقط على السجادة. كل مقام له شعور وروحية مختلفة، وهذه الروحية تقرّبك من الخالق. المقامات نفسية وروحية، فالمقام من اسمه يأخذك إلى مكان معين، ولا تستطيع أن تعزفه بإحساس حقيقي إذا لم تمرّ بشعوره وروحيته.
عندما تعيش شعور المقام وعندما ننتقل لمقام آخر ستنتقل إلى مرتبة أعلى. فالمقامات سبع على نظام عالمي اسمه (السبعة)، وهي سبع مراحل نفسية، بعدها ينتقل الموسيقي إلى سبع مراحل روحية، وعندما ينجح في عبور هذه المراحل يصل إلى النضج. هذه مسيرة كاملة من التحول الداخلي لا يصل إليها الفنان إلا عبر التجربة والشعور العميق.»
ويضيف علي: «سيعود بلدنا إلى جذوره، وعلينا أن نكون قدوة في الفن. نحن خزافون ونحاتون، ومن يزور الاستديو الخاص بنا يرى الفن بكل أشكاله. درستُ الرسم، لكنني أعزف الناي والإيقاع والساكسفون وأصنع الخزف… الفنان لا يجب أن يحبس نفسه في مجال واحد.»
أما محب فيشرح صناعة آلاتهم بتفصيل:
«نحن نصنع الناي والدفوف و(الأوكرينا)، وهي آلة خزفية قديمة جدًا. حضارتنا وحضارة الهنود القدماء مرتبطتان فنيًا بطريقة غريبة وقوية، لأنهما حضارتان روحيتان تتصلان بالطبيعة. لذلك تعلم الإنسان قديمًا أمورًا لا نصل إليها اليوم. هذه الآلات تأتي من ذلك التواصل الروحي. نصنعها من الطين الذي نستخرجه بأيدينا من الشط؛ نخرج بـ(المشاحيف – البلم) نصطاد السمك نأكله، ثم نأخذ الطين لنصنع به هذه الآلة التي تعود إلى جذور حضارتنا القديمة.»

Scroll to Top