0%

غياب الأرشيف النسوي… فجوة في الذاكرة الثقافية!

تبارك عبد المجيد
عدسة: محمود رؤوف
يعتبر غياب الأرشيف الفني النسوي أحد أخطر التحديات التي تواجه حضور المرأة في المشهد الثقافي العراقي، إذ أدى هذا الفراغ إلى طمس إسهاماتها وتغييب دورها عن الذاكرة الثقافية. حيث لا يضر غياب التوثيق بالفنانات فقط، بل بالحركة الثقافية ككل، لأنه يمنح التاريخ وجهاً مبتوراً لا يعكس حقيقة دور النساء في صناعة الفن والثقافة.
تقول آيات توفيق، مهتمة في الادب النسوي، أن «المشكلة لا تكمن في قلة النساء المبدعات، بل في غياب الهيئات التي تتولى جمع أعمالهن وحفظها وتقديمها للأجيال. هناك عشرات القصص الملهمة لفنانات وكاتبات وناشطات، لكن عدم توفر أرشيف حقيقي يجعل حضورهن هشّاً وسهل النسيان. نحن بحاجة إلى مشروع توثيقي جاد يعيد الاعتبار للنساء اللواتي صنعن جزءاً مهماً من الذاكرة الثقافية، ويضمن ألا تُمحى مساهماتهن مرة أخرى».
وتضيف، إن الأرشفة ليست مجرد تجميع للصور والوثائق، بل هي عملية اعتراف رسمي بوجود النساء وبصماتهن. فحين تُفقد أعمالهن أو تُترك بلا توثيق، فإن هذا يعمق فكرة أن حضور المرأة عابر أو ثانوي، بينما الحقيقة عكس ذلك تماماً. إن بناء أرشيف نسوي سيمنح الفنانات والكاتبات والعاملات في الشأن العام مكانتهن المستحقة، وسيحوّل جهودهن من تجارب فردية متفرقة إلى ذاكرة جمعية راسخة».
تقول فرقان نصيف، وهي أحد النسويات الشابات، أن مشاركة المرأة العراقية في الحياة الثقافية والاجتماعية تأثرت بشكل مباشر بالظروف السياسية والحروب التي مر بها العراق خلال العقود الماضية. فبرغم التحول السياسي نحو النظام البرلماني ووجود نظام الكوتا الذي أوصل عدداً من النساء إلى مواقع قيادية، إلا أن هذا التغيير لم ينعكس فعلياً على حضور المرأة.
وتؤكد فرقان أن أحد أبرز التحديات التي تواجه المرأة العراقية اليوم هو غياب الأرشيف الفني النسوي، مشيرة إلى أن هذا الغياب لا يؤثر على الفنانات وحدهن، بل يضر بالحركة الثقافية كلها. وتوضح أن «عدم وجود أرشيف يوثّق أعمال النساء يساهم في تغييب دورهن عن الذاكرة، ويجعل حضورهن هشّ وغير مرئي في التاريخ الثقافي للعراق».
وترى فرقان أن النساء ما زلن يخضن معارك يومية للحصول على مساحة عادلة في المجتمع والثقافة، مؤكدةً أن «المرأة اليوم تحاول أن تنتزع موقعها الطبيعي، سواء عبر المنصات الرقمية أو من خلال العمل على الأرض، لأنها لم تتوقف يوماً عن إنتاج الفن أو الثقافة». وتشدد على أن الجهود الفردية والجماعية المستمرة قادرة على خلق تغيير تدريجي، وإعادة تسليط الضوء على الدور الحقيقي للمرأة العراقية في المشهد الثقافي والاجتماعي.

Scroll to Top