0%

«عجينة الكتب».. كيف يصنع الكتاب ومن يحدد طبيعة

محمد فاضل
عدسة: محمود رؤوف
يمرّ الكتاب بمراحل عديدة قبل أن يصبح مُنجزًا ورقيًا ملموسًا بين الأيدي، ابتداءً من فكرة المؤلف وصولًا إلى خروجه من المطبعة كتابًا كاملًا.
ستار محسن علي، صاحب دار سطور، يقول إن وجود الإنترنت أحدث ثورة في عالم الصناعة عمومًا، وصناعة الكتاب بشكل خاص، موضحًا أن «عملية طباعة الكتاب كانت تستغرق في السابق أشهرًا، بدءًا من تنضيد الأحرف وصولًا إلى مرحلة البلانكات، أما اليوم فقد اختصرت الثورة الصناعية في مجال الإنترنت الزمن إلى حد يمكن معه طباعة ألف نسخة في يوم واحد».
ويضيف أن «التطور الهائل خدم دور النشر. فبعد أن يقدّم المؤلف النسخة المخطوطة، تُحال إلى المصحح وإلى المحرر، وقبل ذلك تُعرض على لجنة فحص النصوص في الدار، التي تمنح الموافقة على النشر بناءً على معايير تتعلق بخبرة الكاتب، وما إذا كانت النسخة تُقدّم قيمة مضافة للقراء، وما إذا كانت خالية من الإساءة للقارئ أو للبلد، أو من أي تجاوزات على الآخرين أو تناول سيئ للشخصيات. وهذه محددات تتوزع بين الجوانب الإيجابية والسلبية».
ويتابع محسن: «إذا استوفت النسخة الشروط، تبدأ الخدمات الطباعية من تصميم الغلاف، وتُعرض هذه الخدمات على المؤلف الذي قد لا يوافق على الغلاف فيطلب تغييره، كما قد يطلب تعديلات على إخراج الكتاب. وبعد اكتمال هذه المرحلة تعود النسخة إلى دار النشر، ثم يُمنح الكتاب رقمًا دوليًا، ويُرسل إلى المطبعة. والمطابع تختلف؛ فهناك طباعة الأوفست، وهي أعلى درجات الطباعة وتعتمد مكائن عالية الجودة، وهناك الطباعة الأخرى ذات الطابع البدائي قليلًا».
ويشير محسن إلى أن «عجينة الورق السائدة حاليًا لمعظم الكتب هي الورق النباتي (البالكي)، وهو خفيف وأقل جودة من الورق الأبيض، فيما يتميز الأبيض بطول عمره ووزنه الأكبر. أما الورق الأسمر فلا يؤثر في العين. كما توجد أنواع أخرى مثل ورق الارت، وهو خاص بالمطبوعات الملوّنة والألبومات واللوحات».
ويشرح أن «الكتب الأدبية تُطبع عادةً بالورق الأسمر (البالكي)، بينما تُطبع الكتب الأكاديمية بالورق الأبيض نظرًا لمتانته وقدرته على تحمل التهميش، فالرواية تُقرأ مرات معدودة بخلاف الكتب الأكاديمية، ولهذا يُعدّ البالكي ورقًا استهلاكيًا مقارنة بالأبيض».
ويضيف أن «الذي يحدد طبيعة الكتاب إذا كان جيبيًا أو متوسطًا أو مُجلدًا هو ضرورات المطبوع ورغبات المؤلف. فهناك القياس الأوربي (14 سم × 21 سم) وهناك القياس الوزيري (17 سم × 24 سم) المستخدم بحسب حاجة الكتاب الطباعية».
من جهته، يقول سامي الرحمن، صاحب ومؤسس دار تكوين السورية، إن اختيار ألوان الكتاب يبدأ بالتواصل مع دور النشر الأجنبية والاطلاع على إصداراتها الجديدة. ويوضح: «بعض دور النشر تمنح الكاتب المال وتتولى كل مراحل صناعة الكتاب وتسليمه نسخته الجاهزة. أما نحن فنعتمد في صناعتنا على متابعة الإصدارات الجديدة من دور النشر الأجنبية، وتحديدًا الكتب الفكرية التنويرية والنقد الأدبي. بعد ذلك نتواصل مع المدقق والمترجم، ثم مع المؤلف الأصلي ليقرأ العمل ويعلّق عليه، وهكذا وصولًا إلى مرحلة الطباعة».
ويضيف: «يخرج الكتاب وفق القياس الذي نحدده؛ فإذا كان عدد صفحاته كبيرًا نعتمده قياسًا وزيريًا (17 سم × 24 سم)، أما الروايات فتُطبع بقياس أوربي (14 سم × 21 سم). وللشعر نعتمد قياسًا خاصًا في دار التكوين (12.5 سم × 21.5 سم)، وهو نصف القطع الوزيري، لتقليل عدد الصفحات وكلفة الطباعة، ويُستخدم للدواوين الشعرية المترجمة وبالعربية».
ويتابع: «عندما يكون الكتاب ملوّنًا أو يحتوي على مخططات، لا يصلح له الورق الأسمر (البالكي)، لذلك يُطبع على ورق أبيض زُبدي مصقول مصنوع من نبات القطن مع نسبة من خشب الأشجار، وله لمعة أو نصف لمعة. والنصف لمعة تحديدًا يمتص الألوان ويثبتها جيدًا. أما إذا كان الكتاب ضخمًا ولا يحتوي على صور، فنستخدم الورق الأسمر (البالكي)».
وفي الإجابة عن السؤال المتداول: هل ما زالت مصر تكتب وبيروت تطبع والعراق يقرأ؟ يقول الرحمن: «اليوم لكل بلد مطابعه الخاصة كمصر والسعودية والإمارات وسوريا، باستثناء العراق الذي لا يزال يطبع في بيروت».
ويختتم قائلًا: «قبل عشر سنوات كنا نستطيع تحديد بلد الطباعة من خلال نوع الورق وطريقة الطباعة، أما الآن فقد أصبحت متشابهة بسبب التقنيات الحديثة، لكن الكلفة تختلف؛ فالكتاب الذي يطبع في الإمارات بكلفة ألفي دولار يطبع في بيروت بكلفة ألف ومئة دولار فقط».

Scroll to Top