
في سياق التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العراق، سجّلت شركة كي حضورًا لافتًا في معرض العراق الدولي للكتاب – بنسخته السادسة،
وتسلّط الشركة هذا العام الضوء على منظومتها الإلكترونية التي باتت جزءًا مؤثرًا في قطاعات البيع والشراء داخل السوق العراقية، ولا سيما في المؤسسات التجارية ودور النشر المشاركة في المعرض.
في حديثه لملحق المدى، أوضح محمد علي سعد، معاون رئيس قسم الشمول المالي في شركة كي، أنّ المشاركة جاءت لتعزيز تجربة الدفع الإلكتروني داخل بيئة المعرض، ولإتاحة خدمات جديدة للتجار والزوّار على حدّ سواء. وقال:
“شاركنا هذا العام عبر تزويد المتاجر ودور النشر بأجهزة دفع إلكتروني مجانًا، بالتزامن مع تفعيل خدمات تطبيقي شبكي وجني اللذين يتيحان للتاجر إدارة كتبه ومعروضاته داخل النظام، ويمنحان الزبون تجربة دفع سريعة وآمنة.”
يشير سعد إلى أنّ التطبيقات التي وفّرتها الشركة تمثّل حلقة وصل مباشرة بين التاجر والزبون، إذ يستطيع كل صاحب متجر أو دار نشر الاطلاع على قاعدة بيانات كتبه، وإدارة عمليات البيع، وإجراء التحويلات ومعالجة المدفوعات من خلال الهاتف فقط. ويضيف: “أردنا أن نمنح التجار إمكانية استخدام أدوات بسيطة وسهلة، وأن نقدّم للجمهور نموذجًا متقدّمًا لتجربة شراء تُدار إلكترونيًا منذ لحظة اختيار الكتاب وحتى لحظة الدفع.”
ويؤكد أن انتشار الهواتف الذكية والتطبيقات المالية في العراق ساهم في نجاح التجربة داخل المعرض دون عوائق كبيرة، إذ لم يواجه الفريق صعوبات تُذكر في شرح آلية الدفع للزبائن:“معظم المواطنين اليوم يمتلكون بطاقات دفع ويعرفون استخدام التطبيقات المرتبطة بها، وعند ظهور أي إشكال يتولى فريق الدعم الفني معالجته مباشرة.”
وفيما يتعلق بتفاعل التجار مع الخدمة، يبيّن سعد أن التجار العراقيين كانوا الأسرع انسجامًا مع النظام نظرًا لاستخدامهم التطبيقات مسبقًا في حياتهم اليومية. أمّا التجار الأجانب فقد احتاجوا وقتًا أطول لاستيعاب آلية التعامل، رغم أنهم—بحسب قوله—معتادون على الأنظمة الإلكترونية في بلدانهم.
“الصعوبة كانت بسيطة وطبيعية، لكن الأمور تُحل تدريجيًا، خاصة أن التجربة ليست جديدة عليهم وإنما فقط مختلفة في بيئتها المحلية.”
تطبيق “شبكي”: بين ربط البطاقات والتحول إلى محفظة إلكترونية
وفي معرض حديثه عن رؤية الشركة وخططها، أوضح سعد أنّ تطبيق شبكي يتحرّك في اتجاهين رئيسيين: ربط البطاقات الإلكترونية بالتطبيق بحيث يُصبح هو الواجهة الأساسية لإدارة الحساب وتحويل التطبيق إلى محفظة إلكترونية مستقلة تتيح الدفع حتى بدون حمل البطاقة، ما يفتح الباب أمام مرحلة أكثر تطورًا من الدفعات الرقمية داخل العراق.
ويقول: “توجّهنا يصبّ في جعل الهاتف هو الأداة الأساسية للإدارة المالية اليومية، سواء في الشراء أو التحويل أو متابعة الرصيد. هذا النهج ينسجم مع حاجة الناس لحلول سريعة وبسيطة.”
قطاعات عراقية تدخل البيئة الرقمية
يشير سعد إلى أنّ عددًا متزايدًا من القطاعات بدأ يعتمد أنظمة الشركة، بينها قطاعات صحية وعلمية وتعليمية، إضافة إلى دور نشر ومؤسسات تجارية داخل العراق. “التطبيقات لم تعد حكرًا على قطاع واحد، بل أصبحت جزءًا من منظومة اقتصادية متكاملة. كثير من المراكز الصحية باتت تستخدم الدفع الإلكتروني، وكذلك المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب.”
15 مليون مستخدم نشط… ومسؤولية ثقيلة
وفي ما يخص حجم انتشار الشركة، كشف سعد أنّ شركة كي تجاوزت حاجز الـ 15 مليون مستخدم نشط في العراق، وهو ما يعد «أكبر رقم في سوق المدفوعات الرقمية» على حدّ تعبيره.
ويرى أن هذا الرقم لا يمثل فقط مؤشرًا على الشعبية، وإنما “يضع على عاتق الشركة مسؤولية كبيرة لتطوير خدماتها والبقاء عند مستوى الثقة التي يمنحها المستخدمون.”
ثقافة الدفع الإلكتروني لدى المتقاعدين والموظفين
ولأن الدفع الإلكتروني في العراق لا يزال يواجه تحديات تتعلق بالثقة لدى بعض الفئات، فقد قيّم سعد نظرة المتقاعدين والموظفين—وهي الفئة الأكبر استخدامًا للبطاقات—قائلًا: “نحو 50% منهم ما يزالون يفضّلون سحب الراتب بالكامل بمجرد نزوله في البطاقة، وهذا ناتج عن ثقافة قديمة مرتبطة بالتعامل النقدي.”
لكن التحول، كما يوضح، تسارع خلال العام الحالي نتيجة توجيهات الحكومة نحو الجباية الإلكترونية والدفع عبر المؤسسات الرسمية. “هذا الإجراء دفع المواطنين إلى الاحتفاظ ولو بمبالغ بسيطة داخل البطاقة لإتمام معاملاتهم، وأجبر الكثيرين على خوض تجربة الدفع الإلكتروني حتى لو كان ذلك على نطاق محدود.”
نحو عراق رقمي أكثر نضجًا
اختتم سعد حديثه بالتأكيد على أن التحول الرقمي في العراق يسير بوتيرة متصاعدة، وأن شركات الدفع الإلكتروني—وفي مقدمتها “كي”—تعمل على جعل التعاملات المالية جزءًا طبيعيًا من الحياة اليومية للمواطنين.
