
عامر مؤيد
عدسة: محمود رؤوف
بزخم واضح وحضور لافت، استمرت فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب وسط حراك ثقافي متنوع يعكس شغف الجمهور وارتباطه المباشر بالكتاب والفنون والحوارات الفكرية. ومنذ الساعات الأولى، شهدت أجنحة ودور النشر توافدًا كبيرًا لطلاب وزارة التربية والمهتمين، حيث امتلأت الممرات بالحركة والنقاشات، بالتزامن مع عروض فنية شملت المسرح والغناء والرسم وورشًا تفاعلية استقطبت مختلف الفئات العمرية.
وفي السادسة والنصف من مساء اليوم، يلتقي الحضور مع وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف في جلسة حول الدبلوماسية في زمن الحرب ومستقبل المنطقة، يحاوره الإعلامي والناشر علي هاشم. تُعد هذه الندوة واحدة من أكثر الجلسات انتظارًا في جدول اليوم، حيث ستتناول الرؤية الدبلوماسية والتحديات الإقليمية الراهنة، مقدمّة قراءة متعمقة في الواقع السياسي واستشرافًا للمستقبل الإقليمي.
وستستمر اليوم فعالية توزيع الكوبونات المجانية على القراء، والتي ستكون موزعة على ثلاث فترات خلال اليوم، حرصًا على منح الجميع الفرصة للاستفادة من خصومات الكتب وتشجيع اقتنائها.
وفي الفعاليات، كان الخشبة غنية بالندوات والبرامج الحوارية، إذ افتتحت سلسلة الفعاليات بندوة «رحلة الناشرات بين الأمس واليوم» بمشاركة كل من د. سمر زليخة، أ. لیان القدسي، وأ. فاطمة بدر، فيما أدارت النقاش أ. ذكرى سرسم، التي تناولت التحديات التي تواجهها الناشرات اليوم مقارنة بالماضي، ودور حضور المرأة في صناعة الكتاب وتأثيره على المشهد الثقافي العراقي.
تلتها ندوة «النساء في الفن العراقي بين الواقع والتحديات»، بإدارة أ. إيناس فيلب ومشاركة الفنانة إيلاف، حيث تم استعراض دور المرأة في صياغة الهوية البصرية للعراق، وإبراز إسهاماتها الفنية، مع مناقشة التحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجهها في التعبير والإبداع وفي الساعة الرابعة مساءً، احتضنت قاعات المعرض ندوة فكرية بعنوان «جنوسة الدماغ وإشكالية انحياز الذكاء الاصطناعي» قدمها د. باسم علي خريسان ود. محمد عبد مشكور، بإدارة د. علي عبود المحمداوي. ودار النقاش حول تأثير الخوارزميات على الوعي الجمعي، وتحليل تحيّز التكنولوجيا في عالم سريع التحول، وسط اهتمام الجمهور بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم والإعلام والثقافة.
وعن دور الفنانة العراقية في تطوير الفن التشكيلي وإبراز الهوية الثقافية، عند الساعة الخامسة كانت ندوة بعنوان «التشكيل في العراق.. أثر المرأة في صياغة الهوية البصرية»، بمشاركة أ. ميسون الدملوجي، د. أنغام سعدون طه، وأ. سلام عمر، وإدارة أ. منى مرعي، سلطت الضوء على الإسهامات النسوية في المشهد البصري المعاصر.
كما كان مجلس حكماء المسلمين حاضرًا في ندوة مهمة ناقشت «بناء جسور التفاهم بين المسلمين» بحضور الدكتور عبد الوهاب السامرائي والدكتور هاشم سرحان العوادي، في حوار ركز على المصالحة الفكرية وتقريب الفجوات بين المذاهب، في ظل الحاجة إلى خطاب وحدوي يعزز السلم المجتمعي ويواجه التحديات الفكرية المعاصرة.
وفي محور السياسة، شهدت القاعات جلسة فكرية شارك فيها كل من أ. غالب الشابندر ود. عماد العصاد، فيما أدارت النقاش الإعلامية نور الماجد، في حوار تناول الواقع السياسي والمشهد الفكري في العراق والمنطقة، وتحليل التفاعلات بين الدولة والفكر السياسي في زمن التحولات الإقليمية.
واختُتم اليوم بعرض الحلقة الأولى من مسلسل «علي رشم» تكريمًا لذكرى الفنان الراحل، بإدارة الإعلامي عامر مؤيد، وبحضور المخرج زين العابدين والممثلين أثير الساعدي وصلاح منسي، الذين تحدثوا عن ملامح التجربة وأثر الراحل في الذاكرة الدرامية العراقية، مؤكّدين أهمية نقل التراث الفني للأجيال الجديدة.
بهذا الزخم والتنوع، يواصل معرض العراق الدولي للكتاب ترسيخ دوره كمنصة تجمع الفكر بالفن، وتعيد للثقافة موقعها في حياة الناس، حوارًا وتبادلًا وإلهامًا، جامعًا بين المعرفة والتجربة الإبداعية في تجربة ثقافية متكاملة.
