
عبود فؤاد
عدسة: محمود رؤوف
بخطوات واثقة وذائقة متعددة، حضرت القارئات في معرض العراق الدولي للكتاب، ليؤكدن مرة أخرى أن المرأة العراقية شريك أساسي في تشكيل المشهد الثقافي وصناعة معنى القراءة. ومن خلال جولة بين الأجنحة، ظهرت اختيارات متنوعة تكشف ميلًا واضحًا نحو الفلسفة والسرد والكتب الأجنبية والشعر وكتب الأطفال، في صورة تعكس تنوّع الاهتمامات واتساع أفق القارئات.
تبدأ الرحلة مع نور قاسم التي حملت معها شغفًا واضحًا بالأسئلة الكبرى والأفكار التي تُعيد تشكيل الوعي. وفي جعبتها مجموعة من كتب سيمون دي بوفوار، مثل «امرأة محطمة» و»الجنس الآخر» و»مذكرات فتاة رصينة»، إلى جانب كتب في علم النفس التطوري أبرزها «العاقل» ليوفال نوح هراري و»جينات: قصة الحكاية البشرية». كما اقتنت رواية «قصتي الحقيقية» لخوان خوسيه مياس، مؤكدة أن الرواية شدت انتباهها لأنها «تجرّب أن تضع الحقيقة تحت الضوء بقدر من الجرأة يجعل القارئ غير مطمئن، وهذا تحديدًا ما أحبّه في الأدب”.
أما زينب نوري، فكانت وجهتها الشعر قبل كل شيء، إذ قالت «النون الحقيقية هي التي تقرأ، حتى لو كانت مشاغل الحياة كثيرة». زينب التي أتت مباشرة من عملها إلى المعرض، وجدت ما كانت تبحث عنه منذ فترة طويلة: أعمال بودلير بترجمات مختلفة، وخصوصًا “أزهار الشر”، إضافة إلى كتب للشاعر اللبناني بول شاوول وعدد من المختارات الشعرية العالمية. تقول إنها تقرأ الشعر وتحاول كتابته أيضًا، «لأن القصيدة تمنح المرء لغة أكثر رقة وقدرة على حمل ما لا يُقال”.
وفي زاوية أخرى من المعرض، كانت رفل تتنقّل بين مكتبات الكتب الإنجليزية. تقول إنها قارئة تفضّل النصوص بلغتها الأصلية، وقد أسعدها أن تجد هذا العام أعمالًا كانت تبحث عنها منذ شهور، مثل “The Power of Now” لإيكهارت تول و”Atomi Habits” لجيمس كلير و”Normal People” لسالي روني. ولم تنس رفل شقيقتها الصغيرة، إذ حملت لها قصص أطفال شهيرة مثل “The Very Hungry Caterpillar” و” Goodnight Moon” ، مؤكدة أن «الجميل في المعرض أنه يفتح الباب لنا وللجيل الأصغر معًا”.
وتكتمل الصورة مع هبة لؤي التي انجذبت إلى رفوف التاريخ والسير الذاتية، إذ اقتنت «سقوط بغداد» لنيكي كيدي و»سيرة ستيف جوبز» لوالتر آيزاكسون و»اسم الوردة» لأمبرتو إيكو، إلى جانب كتب سياسية وتاريخية أخرى تقول إنها تساعدها على “فهم طبقات الماضي، لا لقراءته فقط، بل لاستيعاب الطريقة التي يشكّل بها حاضرنا”.
هكذا بدا المشهد: أربع قارئات، أربع رؤى مختلفة، لكن هدفًا واحدًا يجمعهن وهو قراءة تعبر الجسور بين المعرفة والخيال، بين الذاتي والإنساني. وفي أروقة معرض العراق الدولي للكتاب، كانت هذه الاختيارات شهادة جديدة على أن الكتاب لا يزال نافذة المرأة العراقية إلى العالم، ووسيلتها لاستعادة صوتها في فضاء ثقافي يتسع للجميع
