بغداد – تبارك عبد المجيد
مع تنامي الاهتمام بالإبداع الأدبي في العراق، يثار جدل حول مصطلح “الأدب النسوي”، الذي يصف نتاج النساء الأدبي بخصوصيته واهتمامه بقضاياهن. وبالرغم من الاعتراضات التي ترى في المصطلح تصنيفًا يقلل من شأن الإبداع النسائي، إلا أن هناك اعترافًا متزايدًا بوجود هذا الأدب كواقع يعبر عن معاناة النساء وتجاربهن.
ملامح الأدب النسوي العراقي
حنين، إحدى المشاركات في معرض العراق الدولي للكتاب، تشير إلى أن الأدب النسوي العراقي بدأ يظهر ملامحه بوضوح، حيث تميزت بعض الأعمال النسائية بالتحليل العميق والجرأة في تناول المواضيع، متجاوزةً حواجز الخوف والتقاليد الاجتماعية. وقد لاحظت حنين هذا التحول في الحاضرين والمشاركين بمعرض الكتاب، وأشارت إلى أن هذا يمثل تحولًا في الساحة الأدبية العراقية، حيث بدأت النساء بالتعبير عن أنفسهن علانية بعد أن كن يكتبن تحت أسماء مستعارة أو يخضعن للقيود الاجتماعية. هذا التحول يعكس بوضوح التغيير في الساحة الأدبية العراقية نحو قبول أكبر وحرية أكبر في التعبير الأدبي للمرأة.
نقد مصطلح “الأدب النسوي”
الأكاديمية علا الإبراهيمي تعارض بشدة استخدام مصطلح “الأدب النسوي”، مشددة على ضرورة تقييم الأدب كإبداع إنساني شامل دون التمييز بناءً على جنس الكاتب أو الكاتبة. ترى الإبراهيمي أن مثل هذه التصنيفات تساهم في تقليص دور المرأة الثقافي، بدلاً من تسليط الضوء على إنجازاتها. وتضيف أن التركيز على التصنيف يُرسخ النظرة التقليدية التي تقلل من قيمة إسهامات المرأة الفكرية، خاصةً في مجتمع ذكوري تفرض فيه القيود الاجتماعية الصارمة حواجز تعيق النساء عن الانخراط الكامل في المشهد الثقافي. وفقًا للإبراهيمي، فإن تجاوز هذه التصنيفات يشكل خطوة حاسمة نحو إنصاف الأدب كمساحة للتعبير الحر الذي يعكس تنوع التجربة الإنسانية، بغض النظر عن جنس من يكتبها.
دعوة لدعم الكاتبات العراقيات
توضح مريم الحمداني، التي تستعد لإطلاق كتابها الأول، أن التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لم تمنع بروز أسماء نسائية تُضيف نكهة مميزة للمشهد الأدبي العراقي. لكنها تلفت إلى أن هذه الإبداعات النسوية لا تزال في مرحلة التطور وتحتاج إلى دعم مؤسسي وتنظيم من خلال منتديات ومراكز ثقافية تُعنى بإبراز مواهب الكاتبات.
تُشير الحمداني إلى أن الكثير من الكاتبات يركزن على قضايا نسوية واجتماعية نابعة من بيئتهن المباشرة، مما يحد من تنوع المواضيع التي يتناولنها. لكنها تعترف بوجود استثناءات، حيث تمكنت بعض الكاتبات من التطرق إلى قضايا إنسانية ووجودية أكثر عمقًا، وهو ما يعكس طموحًا لكسر القيود التقليدية المفروضة على النساء في هذا المجال.
تشير مريم الى “أهمية تدخل المؤسسات الثقافية الحكومية لتوفير بيئة تحفّز الإبداع النسائي، وتعزز دور الأديبات في المساهمة في تطوير المجتمع من خلال الأدب والثقافة”، وذكرت انها كانت حاضرة في الندوة الحوارية التي اقامها معرض العراق الدولي للكتاب، والتي تحدثت عن الادب النسوي، واشادت بدور مؤسسة المدى في تقديم تدريب حول تمكين الكاتبات، وتأسفت لعدم معرفتها بوقت سابق بهذه الدورة التي تنظم بالتعاون مع معهد غوتا.
ويعتبر الأدب النسوي العراقي في مرحلة تكوين ملامحه وهويته، وما بين التأكيد على وجوده والاعتراض على تصنيفه، تبقى الحاجة ملحة لدعم الإبداع النسوي ليثبت مكانته كجزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي العراقي.