زين يوسف
تصوير : محمود رؤوف
الندوات الادبية مستمرة في معرض العراق الدولي للكتاب وهذه المرة استضافت قاعة الندوات الروائية دنى غالي والروائي علي بدر والروائي محسن الرملي في ندوة عنوانها “الرواية العربية والتحولات الاجتماعية والسياسية”، والتي أدارها الشاعر عمر السراي.
في مستهل الجلسة تحدث الروائي علي بدر عن تاريخ الرواية وبداياتها قائلا “الرواية جاءت لتعبر عن التاريخ البديل، واذا نظرنا الى التاريخ الرسمي يتعلق غالبا بالقوى السياسية الحاكمة لكن الرواية اختصت عمليا بالتأريخ البديل وهذا التأريخ هو تأريخ المجتمعات، حركة الافراد أولا، والنقطة الثانية الاساسية هي التحولات الاجتماعية سواء كانت تحولات الحداثة السياسية في المجتمعات الغربية أو التحولات البينية والاقتصادية والثقافية في المجتمعات ما يطلق عليها بالمجتمعات اللاغربية”.
وأشار الى ان “الرواية في البداية ظهرت باعتبارها مشروع البرجوازية الصغيرة، “مشروع الموظفين”، وحتى في العالم العربي كتب الرواية الموظفون، نجيب محفوظ موظف وغائب طعمة فرمان موظف، وتحول الطبقة الوسطى سواء في العراق أو اي مكان في العالم فرض ان يكون هنالك شكل جديد للتعبير، قديما كان الشكل الاساسي للتعبير هو الشعر وبالتالي هذا الشعر اختص تقريبا بما يطلق عليه بالمجتمعات “الباستورالية”، المجتمعات الريفية والمجتمعات التي فيها صوت واحد، صوت الملك، صوت الاله، وصوت الشخصيات الحاكمة”.
وعن تطور الرواية العراقية وارتباطها بالتحولات السياسية تحدث بدر قائلا “نشأ الخطاب الجديد وهو الخطاب السردي وبدأ يتطور مع تطور الاحداث في العراق ومع تطور الملكية في العراق حتى وصولنا الى الجمهورية عام 1958، صار لدينا انفجار روائي في هذه المرحلة على قدر معين من تطور الاساليب السردية وبدأت الرواية تأخذ اشكالا جديدة بتعقد الطبقات وتعقد أنظمة المجتمع وظهور هذا الامر شكل نوعا من التحول في داخل الشكل السردي”.
وبالانتقال الى الروائي محسن الرملي أكد “ان موضوع هذه الندوة مهم ويحتاج الى نقاشات طويلة”، مشيرا الى ان “الموضوع فعلا مهم وكبير ومرتبط بميادين كثيرة ليس في العالم العربي فقط وانما في العالم أجمع، في الحقيقة الرواية اليوم هي ديوان العرب فعلا بل هي ديوان العالم، الرواية أصلا هي فن يرصد التحول الانساني في وضع متحول ولهذا تنتهي الشخصيات داخل الرواية على غير ما بدأت به”.
واكد ان “الرواية العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص رصدت بشكل جيد التحولات التي تناولتها ولكنها لم تتناول كل التحولات لان هذه التحولات الاجتماعية والسياسية العربية التي حدثت كثيرة وكبيرة ومتسارعة وايقاع الزمن يختلف بمعنى ان ما كان يحدث في عشر سنوات سابقا أصبح الان يحدث في سنة أو اقل”.
وأوضح ان “المبدع والرواية خلايا حساسة راصدة للمجتمع ولهذا نحتاج بشكل عام الى متابعة نقدية ثقافية تدرس وتستخلص من الاعمال الروائية طبيعة التحولات بحيث تقدم رؤيا واضحة للجميع، هذا ما حدث على سبيل المثال في فرنسا كما ذكر الاستاذ علي بدر، في اسبانيا في نهاية القرن التاسع عشر كان هناك انفصال بين الخطاب الرسمي الذي يصور اسبانيا امبراطورية وبين الشارع الذي يعاني فاتحد المثقفون فانتجوا جيلا هو الذي أسس للهوية الاسبانية، وكان مجموعة من الشعراء والنقاد والروائيين استخلصوا من الاعمال الروائية سمات الشخصية الاسبانية لان الأمم كما الاشخاص يجب أن تتوقف بين حين وآخر وتسأل من أنا؟، مَن هو العراقي؟ ومَن هو العربي؟ وما هو تعريفه بالضبط؟”.
الروائية دنى غالي اختلفت نوعا ما مع ما طرحه الضيفان الآخران قائلة “أنا اجد واقع العالم العربي ملتبسا بشكل او بآخر، مازال غياب الحرية واحتقار الانسان ونفيه، بشكل صادم ومباشر، ما زالت حالة اللاثبات سياسيا والتي بدورها تعمل على قلقلة الوضع الاجتماعي هي الصفة السائدة لمجتمعاتنا، بالتأكيد تحتل الرواية كجنس ابداعي اليوم مكانا بين الاجناس الادبية الاخرى، والخارطة ايضا اتسعت اثر احداث وتحولات سياسية واجتماعية سريعة وشملت نتاجات تخص اقليات وفئات مهمشة لم يكن لها صوت من قبل والوعي بالتالي بما يحيط الفرد وهو يعيش في ظل هذه الانظمة وهو مادة هذه الاعمال الابداعية بكل أشكالها”، مؤكدة “أن الامر الذي يضعنا في حرج حقيقي اننا نبرز مثل كائنات شاذة لم تقبض على جوهر ما يدور بعد، لم تتمكن من اجتراح حلول لانقاذ البشرية، ربما هكذا يفكر الانسان، انا برأيي الرواية لا تتحمل مسؤولية العالم ولا الفلسفة ولا التحليل النفسي ولا الشعر، الرواية عمل فني بالدرجة الاولى ولا يمكن لها ان تترك مكانها”.