تبارك عبد المجيد
يعتبر معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه مؤسسة المدى، تظاهرة ثقافية مميزة تجمع بين الأجواء الأدبية الاحتفالية والتفاعل العائلي، حيث يشكل المعرض نقطة لقاء بين المثقفين والقراء من جميع الفئات. خلال العام الماضي تنافس أكثر من 300 دار نشر محلية وعربية ودولية في تقديم إصدارات متنوعة تناسب اهتمامات الزوار على اختلاف أعمارهم، مما أتاح للعائلات العراقية فرصة استثنائية للغوص في عالم الثقافة والمعرفة.
كان الطابع العام للمعرض مفعماً بالحيوية، حيث ارتبطت الأجواء بتنوع الأنشطة التي جمعت بين توقيع الكتب، وورش العمل، والعروض المسرحية، فضلاً عن فعاليات مخصصة للأطفال، مما جعلها محطة جذب رئيسية للعائلات. وعبر العديد من الزوار عن سعادتهم بقدرة المعرض على تقديم تجربة متكاملة تجمع بين الترفيه والتعليم. لم تكن الكتب وحدها محور الاهتمام، بل استمتع الحاضرون أيضاً بالأحاديث الثقافية التي أدارها نخبة من المفكرين والمؤلفين، حيث ناقشوا قضايا أدبية واجتماعية معاصرة.
العائلة العراقية وذكريات العام الماضي
احتضنت العائلات العراقية هذه الفعالية كفرصة للتواصل مع الثقافة والانفتاح على تجارب أدبية جديدة. الأطفال بدورهم وجدوا في الفعاليات الموجهة لهم مساحة للإبداع والتعلم، مع أجنحة مخصصة لكتب الأطفال التي لاقت إقبالاً كبيراً، بالإضافة الى زاوية خاصة للألعاب الفكرية والترفيهية. بالنسبة للكبار، كان المعرض فرصة لاستكشاف أحدث الإصدارات الأدبية والتفاعل مع مؤلفيها مباشرة، مما أضفى طابعاً شخصياً ومميزاً على تجربتهم.
تقول السيدة حنين علي، التي زارت المعرض مع أطفالها: “كانت تجربة رائعة لعائلتنا. أحب أطفالي الأجنحة الخاصة بكتب الأطفال والأنشطة التفاعلية. وجدنا أيضاً مجموعة متنوعة من الكتب التي تناسب كل أفراد الأسرة”، مشيرةً إلى أنها لم تخرج من المعرض “خالية اليدين”.
تُبرز حنين أهمية مثل هذه الفعاليات في تعزيز ارتباط الأطفال بالكتاب في عصر التكنولوجيا، حيث تضيف: “معرض العراق الدولي للكتاب هو فرصة ثمينة يجب أن يستثمرها الأهالي، في ظل وجود التكنولوجيا التي شغلت عقول أولادنا، والمراكز التجارية التي تركز فقط على المظاهر. جيل اليوم يفتقر إلى التعلق بالقراءة والكتابة”.
لهذا، تحرص حنين على زيارة المعرض برفقة عائلتها سنوياً، وتحث بقية العوائل على المشاركة مع أطفالهم للاستفادة من التجربة الثقافية المهمة التي يقدمها المعرض.
من جانب آخر، أعرب القارئ الشاب حيدر كاظم عن إعجابه الكبير بالأجواء التي ميزت المعرض واحتضنت عشاق الأدب والثقافة، قائلاً: “كان المعرض أكثر من مجرد مكان لشراء الكتب؛ إنه مساحة للقاء العقول. التقيت كُتّاباً ومؤلفين أتابعهم منذ سنوات، وكان النقاش معهم تجربة لا تُنسى. شعرت بأنني أقترب من عالمهم الأدبي بطريقة لم أكن أتوقعها.”
وأضاف حيدر: “ما جذبني أيضاً هو تنوع الإصدارات، خاصة الكتب المترجمة الحديثة التي فتحت لي آفاقاً جديدة لفهم الثقافات الأخرى. كانت تجربة رائعة لم أتردد في تكرارها هذا العام، لأن المعرض يشكل فرصة ذهبية لا تُعوض.”
وأخبرنا حيدر كاظم أنه، منذ إعلان موعد معرض العراق الدولي للكتاب، بدأ بتحضير قائمة بالكتب التي يود شراءها. وأوضح قائلاً: “أتابع دور النشر العربية والدولية التي ستشارك في المعرض هذا العام، وأقوم بجمع المعلومات عن الإصدارات الجديدة التي أرغب في اقتنائها. أعتبر المعرض فرصة مميزة للحصول على كتب نادرة أو حديثة، خاصة تلك التي يصعب العثور عليها في المكتبات المحلية.”