نبأ مشرق
ضمن فعاليات النسخة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، أُقيمت ندوة حوارية تحت عنوان “من قلبي حروف لبيروت”، أدارها الصحفي أيسر جبار، وشهدت نقاشات معمقة حول أهمية السياسة النقدية في الاقتصاد العراقي، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلاد بعد التغيير في 2003.
السياسة النقدية: أداة لاستقرار الأسعار
خلال الندوة، أوضح الدكتور باسم عبد الهادي، المدير العام لدائرة الإحصاء، أن السياسة النقدية تُعد من أعقد السياسات الاقتصادية لكنها أيضًا من أبرز أدوات استقرار الاقتصاد، قائلًا:
“السياسة النقدية تستهدف بالأساس استقرار الأسعار، وهو هدف رئيس تسعى لتحقيقه البنوك المركزية عالميًا. لا يمكن لأي سياسة اقتصادية أن تعمل بمعزل عن السياسات الأخرى، إذ يجب أن يكون هناك تنسيق بين السياسات المالية والتجارية وغيرها لتحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية”.
وأشار عبد الهادي إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تغييرات كبيرة في سعر الصرف وتأثيرها على الاقتصاد العراقي، مما أثار تساؤلات المواطنين حول أهمية السياسة النقدية ودورها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
تأثير تقلبات أسعار الصرف على المواطنين
أكد الدكتور باسم أن تقلبات أسعار الصرف تضر مباشرة بالمستهلك والمستثمر، مشددًا على أهمية التنسيق بين السياسات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث قال:
“عندما يفقد المواطن والمستثمر الثقة بالاستقرار الاقتصادي، يصبح من الصعب اتخاذ قرارات استثمارية أو استهلاكية طويلة الأمد. السياسة النقدية الناجحة تضمن استقرار سعر الصرف، مما يعزز الثقة بالعملة المحلية”.
لماذا تُصرف الرواتب بالدينار وليس بالدولار؟
تطرق الدكتور باسم إلى أهمية استخدام العملة المحلية كرمز للسيادة الوطنية، مشيرًا إلى أن التعامل بالدولار داخليًا يؤدي إلى ظاهرة “الدولرة”، التي تسبب اضطرابات في الاقتصاد المحلي. وأوضح:
“العراق يعتمد على العوائد النفطية للحصول على الدولار. أي أزمة تؤثر على هذه العوائد ستؤدي إلى شح الدولار، مما يزيد من الفوضى في الأسواق. لذلك، الحفاظ على الثقة بالدينار واستقرار سعر الصرف هو المفتاح لضمان استقرار الاقتصاد.”
تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط
ناقش الدكتور عبد الهادي تحديات الاقتصاديات النفطية، التي تتأثر بتقلبات أسعار النفط عالميًا. وقال:
“الدول النفطية تسعى لتنويع مصادر دخلها عبر دعم القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والصناعة. في العراق، هناك جهود حكومية لزيادة هذه القطاعات، وستظهر نتائجها خلال السنوات القادمة”.
الثقة بالعملة: البوصلة الأساسية للمواطن
اختتم الدكتور باسم حديثه بالتأكيد على أن استقرار سعر الصرف هو الأساس الذي يحدد اختيار المواطنين للعملة، سواء للادخار أو الاستثمار، مشددًا:
“كلما كانت العملة المحلية مستقرة، شعر المواطن بالأمان الاقتصادي، خاصة ذوي الدخل المحدود، الذين يتأثرون أكثر بالتقلبات الاقتصادية والمضاربات في الأسواق”.
شهدت الندوة حضورًا واسعًا من زوار المعرض، الذين أبدوا اهتمامًا كبيرًا بالمحاور المطروحة، خاصة مع تأثيرها المباشر على حياتهم اليومية ومستقبل الاقتصاد العراقي.