نبأ مشرق
في أروقة معرض العراق الدولي للكتاب، تتشابك عوالم الأدب والفن، حيث لم يعد الكتاب مجرد وسيلة للقراءة، بل بات مادةً غنية تعبر إلى الشاشة الكبيرة. الروايات التي تتحول إلى أفلام ومسلسلات ليست ظاهرة جديدة، لكنها تثير تساؤلات دائمة حول وفاء السينما للنصوص الأدبية الأصلية، ومدى نجاحها في جذب الجمهور.
قوة النص هي المفتاح
خلال حديثة مع ملحق المدى أحمد كريم، ممثل منشورات أرابيلا، الذي أضاء على الصلة الجوهرية بين النص الأدبي والعمل السينمائي. “تحويل الرواية إلى فيلم يتطلب قوة في القصة والحوارات”، يقول كريم، مضيفاً أن السينما أحياناً تفقد النصوص عمقها بسبب تركيزها على تقديم نسخة مختصرة تناسب جمهور الشاشة. واستشهد بروايات مثل الجحيم والشياطين، التي حملت عمقاً فلسفياً وأدبياً، لكنه يرى أن الأفلام المقتبسة عنها قدمت “نبذة سطحية”، ما يدفع القراء إلى العودة للنصوص الأصلية لاكتشاف أبعادها الكاملة.
البعد التجاري واختيار القصص
حسين نهاب الخلف، رئيس مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع، يرى أن البعد التجاري يلعب دوراً أساسياً في اختيار الروايات التي تُنقل إلى الشاشة. “المنتج يبحث عن روايات ذات شعبية أو قصص يمكن أن تحقق عوائد مادية كبيرة”، يقول الخلف. ويضيف أن الروايات القوية مثل أنا إنسان – التي تحولت إلى فيلم يعرض على نتفلكس – تُظهر كيف يمكن للصراع بين الإنسان والتكنولوجيا أن يتحول إلى مادة بصرية جذابة، خصوصاً حين يتم استغلال السيناريو والحبكة بطريقة درامية مؤثرة.
الرؤية الإبداعية في السينما
أما مهند محمد من مجموعة كلمات، من الامارات العربية فقد ركز على تأثير الإبداع السينمائي في تقديم الروايات بصيغة جديدة. “الرواية الناجحة تحتاج إلى رؤية مخرج ذكي يلتقط التفاصيل ويعيد صياغتها بأسلوب يناسب الشاشة”، يقول محمد. واستشهد بروايات مثل حكاية الجارية والعهد، التي تحولت إلى أفلام ناجحة حصدت مشاهدات واسعة، مؤكداً أن الذروة الدرامية وتسلسل الأحداث هما العنصران الأساسيان في نجاح العمل السينمائي.
تفاعل الجمهور بين القراءة والمشاهدة
السؤال الذي يطرح نفسه: هل الأفلام تدفع الجمهور لقراءة الروايات أم العكس؟ يرى حسين الخلف أن الأمر يعود لاهتمامات المتلقي. “بعض المشاهدين قد يكتفون بالفيلم، بينما يجد آخرون أن الرواية تقدم أبعاداً أعمق”. من جهته، يعتقد مهند محمد أن مشاهدة الفيلم أولاً قد تحفز القارئ لاكتشاف النص، لأن الرواية عادةً ما تقدم تفاصيل أوسع وأغنى من العمل الفني.
معرض العراق.. منصة تجمع الأدب والفن
مع توافد الزوار إلى أروقة معرض العراق الدولي للكتاب، برز اهتمام كبير بروايات تحولت إلى أعمال سينمائية، ما يعكس شغف الجمهور بالتجربة المشتركة بين القراءة والمشاهدة. هذا التلاقي بين الكلمة والصورة يؤكد أن الأدب والسينما شريكان في تعزيز الحراك الثقافي، سواء من خلال نصوص تعيد اكتشافها الشاشة، أو أعمال سينمائية تدفع الجمهور للعودة إلى صفحات الكتاب.
معرض الكتاب يثبت مرة أخرى أنه أكثر من مجرد حدث ثقافي؛ إنه مساحة تفاعلية تسلط الضوء على علاقة الأدب بالفن، وعلى قدرة الكلمة المكتوبة على أن تعيش في عوالم متعددة.