حارث رسمي الهيتي
تصوير: محمود رؤوف
ضيّفت قاعة الندوات على ارض معرض العراق الدولي للكتاب الدكتورة نادية العزاوي والدكتور جمال العتابي والدكتور حسين الهنداوي للحديث عن غائب طعمة فرمان والمدينة، الندوة التي ادراها الروائي حميد المختار وحضرها عدد كبير من الجمهور تناولت شهادات قدمها الضيوف عن غانب طعمة فرمان.
نادية العزاوي تناولت في ورقتها هاجس المكان في رسائل غائب طعمة فرمان، تحدثت عن رسائله الشخصية التي شبهتها برواياته وقصصه وهي رسائل تبادلها مع اصدقاء له، “حيث يبدو غائب كائناً مسكوناً بالأمكنة وتفصيلاتها على نحو يكشف عمق هذا النزوع لديه، والعدد القليل الذي نشر من رسائله الشخصية يمثل وثيقة مهمة لابد للباحث من دراستها كونها تساعد على فهم عالم غائب طعمة فرمان الروائي. وفهم طرائق توظيفه للأمكنة في رواياته وقصصه، كنت أمني النفس في نشر مزيد من رسائله حتى وقف على تصريح صادم للاستاذ ياسين النصير مفاده ان الارشيف الكامل لغائب كان في حوزته ولكنه بعد خروجه للاردن في التسعينيات قدمه لاحد الباحثين العرب ليفيد منه في دراسته عن غائب، على وعد منه باعادته اليه ولكن الباحث حنث بالوعد وتبدد الارشيف وفيه رسائله، وهذه خسارة اخرى فادحة تضاف الى خسارات واقعنا الثقافي الموعود دائماً بالفقدان وتبديد الوثائق واهمال الارشفة”.
وتضيف العزاوي “نشر الراحل محمد سعيد الصكار عدداً قليلاً من هذه الرسائل، وهي على قلتها تضيء زوايا مفيدة للدارس ان رسائله في الغالب تستهل بمداخل مكانية غير اليفة، هي امكنة الغربة التي تنوء دائماً بالمرض والغربة والوحشة والقبح”. كتب في رسالة له بتاريخ 18/1/1968 يقول لصديقه الصكار:
وصلتني رسالتك وانا طريح الفراش في مستشفى لا يوحي بالشفاء العاجل على الاقل، وفي قاووش يسكنه عشرة اشخاص وانا بين الظنون والتخمينات والهواجس والتفكير بعدد السنوات القليلة المتبقية من عمري وضاقت الردهة حتى بقيت انا ورسالتك الرقيقة بخطها البديع ولم اسمع الهرج ولا الضوضاء التي ترتفع في ساعة الراحة وتسلبني لذة القراءة”.
حسين الهنداوي تحدث عن مكانة الراحل فرمان بالقول “اذا كان فن الرواية هو فن المدينة بامتياز، اي الفن الذي يقوم به ابناء المدينة بكتابة او رواية حكاية حياتها كفضائهم الخاص ايضاً فان غائب طعمة فرمان بأسلوبه الواقعي السردي هو روائي المدينة بامتياز، خاصة بغداد، بغداد التي شكلت الفضاء العمراني والفضاء المكاني الذي دارت فيه اهم احداث رواياته وخاصةً النخلة والجيران والقربان وخمسة اصوات وآلام السيد معروف وحتى روايته المركب التي عبرت عن مشاعر في الغربة، هي عبرت عن بغدادي في الغربة عن ابن مدينة بغداد في الغربة، فروايته خمسة اصوات هي خمسة اصوات لممثلين من ابناء مدينة بغداد، وهويته كبغدادي لم يغادرها حتى في غربته الطويلة ولم يحب مدينة غيرها اذ ظل طويلاً بغدادي الروح رغم معاناته. حتى في موسكو المدينة التي عاش فيها واحبها وتزوج منها وولد له فيها ابنه سمير”.
ويتابع الهنداوي ” المدينة ايضاً وهي بغداد طبعاً اعطت رواياته كل صورها ومادتها تقريباً من شخصيات ومشاهد انسانية وطرق حياة، وتقاليد تاريخية ومن معاناة وتفاصيل حياة يومية وسياسية وتغيرات تلك التقاليد، اذ تبدو رواياته شهادة على خصائص اغلب التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي مرت بها الحياة العامة في بغداد والعراق اجمالاً وخاصةً منذ الحرب العالمية الثانية، وتلك التغيرات الدراماتيكية احياناً تابعها غائب طعمة فرمان عن كثب وبحث عنها وركبها لتشكل الخزين الذي نسج منه حكاياته ورواياته وقصصه”.
جمال العتابي تحدث عن بعض اللمحات عن غائب طعمة فرمان، اذ يقول “عندما كان طالباً توجه الى القاهرة ودرس هناك الادب الانكليزي، وهناك ايضاً تعرف على كتاب وادباء مصريين مثل نجيب محفوظ ومحمود امين العالم وانيس العظيم، وتمكنه من اللغة الانكليزية جعله يقرأ الادب العالمي باللغة الانلكليزية مثل فوكنر وتولستوي وغيرهم واستطاع ان يكتب ايضاً مجموعة من القصص نشرها في مجلات وجرائد مصرية”.
ويضيف العتابي “كان فرمان في بداياته شاعراً كتب الشعر الا انه وجد نفسه في كتابة القصة افضل مما يتجه الى ميدان الشعر، غائب فرمان اهتم بالادب الانكليزي على الرغم من انه كان يعيش في الاتحاد السوفيتي سابقاً وحتى ترجماته كان يترجم عن اللغة الانكليزية، غائب فرمان بسبب وحدته وعزلته وانصرافه لعمل الترجمة وتكليفه بمهام من غير اهتماماته هناك كان ضعيفاً في تعلم اللغة الروسية”.