
محمد فاضل
عدسة: محمود رؤوف
في أروقة المعرض، لا تبدو الكتب وحدها بطلات المشهد. فثمة عالم آخر ينمو حولها… عالمٌ ملون، لامع، نابض بالحياة؛ فواصل خشبية، حقائب قماشية، أقلام تأشير براقة، وقطع صغيرة لا يتجاوز حجمها كف اليد، لكنها قادرة على أن تغيّر طريقة نظر القارئ إلى كتابه. صار القارئ لا يكتفي باقتناء كتاب، بل يبحث عن طقوس قراءة كاملة، عن جمالية الصورة التي يلتقطها، وعن لحظة يفتح فيها الكتاب وكأنه يفتح “هدية”.
وفي خضم هذا الزخم… يقف القرّاء بين الرفوف حائرين، لا بين عناوين الكتب فقط، بل بين إكسسواراتها أيضاً. من بينهم كان “جهاد علي” الذي بدأ حديثه قائلاً:
إن إكسسوارات الكتب أصبحت اليوم أكثر تنوّعاً وضرورة للقارئ، لافتاً إلى ما شاهده من عروض واسعة قدمتها دور النشر داخل المعرض، بدءاً من الكوبونات المفعّلة هذا اليوم وصولاً إلى القطع المرافقة للكتب. ويضيف: «جئت من أجل كتاب محدد، لكنني الآن محتار أمام الكم الهائل من الخيارات. لقد أولت الدور اهتماماً كبيراً بهذه الإكسسوارات،خصوصاً» الفواصل» التي تعزز تجربة القراءة، فهي عنصر ضروري أثناء المطالعة.»
من جهتها، تحدّثت ليان هادي عيسى، صاحبة دار نشر وأمينة مكتبة وناشرة في «دار درج»، مؤكدة للمدى أن إكسسوارات الكتب شهدت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، وتحديداً فواصل الكتب التي كانت تُصنع سابقاً بشكل بسيط داخل المنزل أو باستخدام ورقة عادية، أو حتى عبر طيّ الورق أو استعمال الخيط والصوف والريشة. أمّا اليوم فهناك خيارات واسعة ومتنوعة:
فواصل خشبية، مغناطيسية، معدنية، و»ستيكرات» ملونة بأشكال مختلفة، تأتي بناءً على طلب القرّاء.
وتشير ليان إلى أن العزوف عن القراءة الورقية دفع الشباب إلى الإبداع في هذا المجال، ما أدى إلى تنوّع كبير في الإكسسوارات المصاحبة للكتب. وتوضح:
«الآن أصبحت لدينا الجنط القماشية (التوت باك) التي كانت سابقاً مجرد قطعة قماش تُخاط في المنزل، لكنها اليوم متوفرة بألوان وتصاميم عديدة لحمل الكتب. وكذلك أقلام التأشير التي تضاعفت أشكالها الجذابة لتحلّ محلّ القلم الرصاص أو الجاف المستخدم سابقاً في تدوين الملاحظات.»
وترى ليان أن القارئ يبحث اليوم عن جمالية القراءة، فحين يصوّر كتابه لينشره على مواقع التواصل الاجتماعي، يحرص على أن تكون اللقطة جذابة ومميزة. وهنا تلعب الإكسسوارات دوراً بصرياً ملفتاً، حتى أصبحت إحدى أدوات الترويج غير المباشر للكتب. وتضيف:
)أحياناً أحمِل الكتاب من فواصله الخشبية أو المعدنية بدلاً من إمساكه بالأصابع، وهذا يخلق شكلاً مختلفاً للصورة. لكن في المقابل، قلّت ربما تلك العلاقة المباشرة التي كانت تربط القارئ بالكتاب عند لمسه وتقليب صفحاته، بسبب وفرة هذه الإكسسوارات التي تشكل ضغطاً علينا كعاملين في هذا المجال، إذ يجب علينا توفير خيارات جذابة ومتنوعة.(
وتشير إلى أن دفاتر الملاحظات المخصصة لتسجيل أفكار القارئ أصبحت أيضاً ضمن قائمة الضروريات التي يفرضها السوق حالياً، نتيجة الترويج الكبير لها عبر منصات التواصل. وتؤكد:
)الجيل الجديد يملك خيارات أكبر بكثير مما كنا نملكه، والكتاب متوفر في أكثر من مكان، لذلك لديه مشتتات أكثر. ولهذا نحاول عبر الإكسسوارات والأنشطة أن نغذي فضوله ليصبح زائراً للمكتبة، يتفاعل مع الكتب والمجتمع المحيط بها، وبذلك نقرّبه من القراءة( .
وتختم ليان قائلة: (الأجيال تختلف، وعلينا ألا نفرض عليهم ما فُرض علينا سابقاً. الحقيقة ليست مطلقة، وحين نفهم هذا الجيل نستطيع بيع المنتجات الثقافية له، ونعيد ربطه بالكتاب الورقي بطريقة تتناسب مع عالمه) .
