زين يوسف
تصوير: محمود رؤوف
في اليوم الخامس من فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب اكتظت قاعة الندوات بعدد كبير من زوار المعرض لحضور ندوة مع الجمهور للكاتب والصحفي المصري ابراهيم عيسى والتي أداراها الاعلامي عماد الخفاجي.
وفي مستهل الجلسة كان السؤال عن المشهد العام للاعلام في الوطني العربي والذي اجاب عنه عيسى قائلا “ربما يلخص الموقف العربي وعلاقته بالاعلام هذا الموقف، كانت هناك ندوة عن حرية الصحافة في الوطن العربي وحضرها توماس فريدمان الكاتب الامريكي الشهير وتكلم عن الفرق بين الكاتب العربي والكاتب الامريكي فقال ان الكاتب الامريكي تكون مشكلته وهو يكتب مقال الرأي صباحا هل يكتب ان الرئيس الامريكي قليل الذكاء وعديم الخبرة أم مندفع القرار أم فاشل في السياسة بينما الكاتب العربي تكون مشكلته وهو يكتب مقال الرأي هل سيتم سجنه ام فصله ام قتله، عندما تفكر بالمجتمع العربي ستجد ان الخيارات لم تبعد عن اخر ربع قرن، نحن امام مشكلة كبيرة للغاية وهي ان حرية التعبير لا تتآكل على مستوى السلطة فقط وانما تتآكل على مستوى المجتمعات، لم يبق القيد على مستوى السلطة او من الحزب الحاكم، بل هناك قيود اخرى وضعتها التيارات الدينية، ووضعها المجتمع التقليدي والسوشيال ميديا، أصبحت فكرة انك تنتج فكرة حرة ورأي مختلف محفوفة بمخاطر أكبر من السنين التي مضت، سابقا كان الخصم واضحا، الان اصبح هناك تنويع لمصادر التهديد.
وبالحديث عن المخاوف ان كانت من السلطة اكثر ام من الجهات الخارجة عن القانون والسلطة تحدث عيسى “ربما من المبالغة ان تقول انك لا تخاف لكن دعني أبالغ واقول انني لا اخاف، المهمة الاساسية والرئيسة بالنسبة لي هي ان اقول رأيي وأقلق من تبعات الآراء لكن لا أخاف”.
وأضاف انه “دائما مؤمن اننا نعيش في المجتمع العربي ولسنا في المجتمع السويسري او السويدي، فعندما تعيش في مجتمع عليك ان تتحمل تبعات هذا المجتمع، ومن يريد أن يقول آراء مختلفة ويحاول التغيير في بلده وبعدها يستاء من رد الفعل فهو مخطئ”.
وتابع عيسى “لم اقل على محمد مرسي انه رئيس وطول فترة السنة التي تولى فيها الحكم لم أقل الرئيس محمد مرسي وانما الدكتور محمد مرسي، وهذه فترة نضال في الصف الاول في المجتمع في مواجهة دمار وجحيم اسمه التيار الديني، حكم الجماعة والعصابة انا لا اقول ان هناك حرية وانما كانت هناك شجاعة، الحرية معناها انك محمي قانونيا، انما في فترة الاخوان كنت اعود للبيت ولا اعلم متى سأعتقل أو أقتل”..
وعن موقف ابراهيم عيسى من تسلم مرسي للرئاسة تحدث قائلا “كان موقفي مسبقا برفض مرسي، هذه جماعة دينية ارهابية، جماعة غير وطنية، لا تعترف بالوطن، جماعة تريد اعادة الخلافة والدولة الدينية، هي ضد مفاهيم الدولة العصرية، هي جماعة تؤمن بالدولة الدينية، المسلم الماليزي اقرب لمرسي والاخوان من المسيحي المصري، لذلك انا لا اعترف بانتخابه ولا اعترف بشرعيته واقاوم هذه الشرعية وهذه الانتخابات المزورة، بقناعتي ان آخر عشر سنوات من بعد ما يسمى بالربيع العربي وجود التيار الاسلام السياسي او وجود شعارات دينية او وجود احزاب دينية داخل اي عملية سياسية معناه انهاء شرعية الديمقراطية، واي نتائج تترتب على ديمقراطية فيها أطراف دينية او مذهبية كما في العراق ولبنان على سبيل المثال فكل هذا أمر يدعو بمنتهى الوضوح الى سحب صفة الديمقراطية”.
وفي سؤال من مدير الجلسة عن الدولة القومية وانها في يوم من الايام تجاوزت مساحات حدود الوطن وذهبت لتقاتل في أماكن أخرى ذكر “دعنا نقول ان القومية العربية لم تكن على مستوى القومية الالمانية او الفاشيست الايطاليين، لكن انا لست موافق على وجود القومية بالاساس، وهذا واحد من اخطاء عبد الناصر التاريخية والكارثية هو الذهاب للقتال في اليمن، استخدام الافكار الكبيرة في ادعاء انك كبير، ما يحصل في المشهد العربي طول الوقت هو استبداد أما استبداد بوجهه القومي الصدامي الاسدي او الناصري لكن بفروق، بالتأكيد هناك فروق في الكفاءة والنوعية انما ليست فروق في الجنس بين الاستبدادات من هذا النوع”.
وعن ايجاد الحل للمشاكل في الوطني العربي قال “ليس هناك اجماع على تشخيص المشكلة، بمعنى الحالة الراهنة عندما نتحدث عن تخلف مجتمع او انحداره في سلم الحضارة التشخيص السائد هو اننا متخلفون هكذا لاننا ابتعدنا عن ديننا، لكن في الحقيقة نحن لدينا مثلث اسود يحاصرنا جميعا، الضلع الاول هو ان الماضي كان عظيما رائعا هائلا جميلا مبهرا، الضلع الثاني ان الماضي الذي كان جميلا وعظيما لابد ان يعود، الضلع الثالث ان الماضي الرائع المبهر لابد ان يعود ولو بالقوة، ولو بالسلاح، هذا مثلث داعش، وهو تصور ان عالم الدولة الاسلامية والخلافة كان عالما مثاليا ويتم تجاهل ان جزء منه غير انساني وحضارة قائمة على الدم والقتل شأن كل الحضارات”..
وأضاف ان “المستبد السياسي سيلجأ بنسبة 100% للتزوير، انما المستبد الديني المزور للوعي ويتاجر بالجنة وانا اعطيته صوتي، انت كشخص مع العدل ومع فكرة الحضارة الانسانية وتقبل بعملية النصب، كل من يعتقد ان الديمقراطية وحدها كأدوات قادرة على انهاض المجتمع بدون ان يسبق ذلك مواجهة للاستبداد الديني، نحن نريد اصلاحا دينيا وتجديدا دينيا ويؤدي بالضرورة الى اصلاح سياسي”.
وبالانتقال الى الجانب الادبي لدى ابراهيم عيسى سأل احد الحاضرين عن رواية “رصاصة في الرأس”، وكيف تعرض عيسى الى حملة قوية بسبب تلك الرواية أجاب عيسى “إن الرواية ربما اثارت كل هذا الجدل لانها عن واقعة حقيقية، عن عملية تمت سنة 1977، باختطاف الشيخ الذهبي وكان شيخ الاوقاف وقتها من قبل مجموعة اسمها جماعة المسلمين، كانت من أوائل الجماعات الارهابية التي أسست للارهاب الاسلامي في مصر والاعلام كان يسميها جماعة التكفير والهجرة، اختطفت الشيخ الذهبي لمدة يومين ومن ثم اغتالته، فالرواية تدور حول هذه الواقعة بكل تفاصيل صناعة الارهاب الاسلامي تحت عناية ورعاية دولة السادات”.