بغداد- المدى
عدسة: محمود رؤوف
أطلقت مبادرة «نبض بغداد» على مراحل متعددة، حيث بدأت بـمرحلة المتنبي، ثم مرحلة السراي، امتدادًا من مقهى الشابندر إلى الساحة وشارع الرشيد، وصولًا من المقطع الأول من الميدان إلى الرصافي. تأتي هذه المبادرة برعاية دولة رئيس الوزراء، وفق أمر ديواني، ويترأسها السيد أمين العاصمة، وينوب عنه مستشار الشؤون الثقافية الدكتور عارف الساعدي.
تمويل المرحلة الأولى، «المتنبي»، جاء من صندوق تمكين التابع لرابطة المصارف الخاصة العراقية، فيما جاءت المراحل اللاحقة بتمويل من مشروع «وهب» لإعمار شارع الرشيد، حيث ساهم بنك مصرفي بتبرع قيمته 90 مليار دينار لتغطية كامل الشارع البالغ طوله نحو 4 كيلومترات.
يشرف على التنفيذ رابطة المصارف الخاصة العراقية باعتبار المبادرة جزءًا من مسؤوليتها المجتمعية (CSR)، حيث يتم جمع التبرعات في صندوق تمكين الذي يمول مبادرات مجتمعية متنوعة. بدأ الصندوق بدعم الأفراد، ثم توسعت المبادرات لتشمل الساحات العامة مثل «ألق بغداد»، وصولًا إلى المركز التاريخي لمدينة بغداد، والذي شمل مناطق المتنبي، والسراي، وأعمال شارع الرشيد.
تركز الأعمال على ترميم وصيانة واجهات المباني التراثية ذات القيمة التاريخية العالية، التي تعرضت للتدهور على مر السنين، إضافة إلى تطوير البنية التحتية للشارع من صرف صحي ومياه ومجاري ودفاع مدني وكهرباء واتصالات. كما يتم الإشراف والمتابعة من قبل أمانة بغداد ودائرة الآثار والتراث في وزارة الثقافة، كون هذه الجهات أعضاء في لجنة الأمر الديواني، والتي تشكل بدورها لجانًا فرعية للإشراف على الأعمال.
يتم تنفيذ الأعمال بالتعاون بين رابطة المصارف، المقاولين، الجهات الاستشارية، والهيئات الحكومية المختصة، حيث تقوم وزارة الكهرباء مثلاً بتوفير المواد وتنفيذ الأعمال بنفسها، فيما تركز الجهود على واجهات المباني والبنية التحتية للشارع.
بعد الانتهاء من المرحلة الأولى في المتنبي، انتقل المشروع إلى شارع السراي، حيث تم ترميم نحو 17 بناية ذات واجهات تراثية وأثرية، تشكل جزءًا من الهوية العراقية. أما المرحلة التالية، فشملت شارع الرشيد، حيث تم إنجاز 60 واجهة بناء، وتجديد كامل للبنية التحتية للشارع، مع إنشاء سكة ترام على طول 600 متر، تم الانتهاء من أعمالها بالكامل، وسيتم تبليط المناطق المحيطة بمادة «البارزلت»، مع تجهيز العربة للتشغيل المتوقع في نهاية السنة. ومن المخطط أن تمتد السكة مستقبلاً على طول شارع الرشيد ليصل إلى نحو 3.5 – 4 كيلومترات.
حالياً، تُجري التحضيرات للمرحلة القادمة من شارع الرشيد، والتي شملت إنجاز ثلاث مبانٍ كنموذج، مع التخطيط لإنجاز 130 بناية أخرى، تتميز بتصاميم متنوعة تشمل الطرز الأوروبية، والتأثير الإنجليزي، والبقايا العثمانية، بالإضافة إلى الطرز العراقية المعروفة، والتي تشكل جزءًا من الذاكرة الثقافية والاجتماعية للعراق، وتوثق الأحداث السياسية التي شهدها شارع الرشيد على مر السنين.
بهذه الجهود، تستمر أعمال مبادرة «نبض بغداد» لإعادة إحياء المدينة القديمة، والحفاظ على تراثها الثقافي والمعماري، بما يضمن استمرار الهوية العراقية للأجيال القادمة .